استغربت خبر موقف جامعة قطر من محاضرة الدكتورة بدرية البشر بعد وصولها، فقد تذكرت أن قطر استضافت عام 2009 الدنماركي المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم إن لم تخني الذاكرة؛ مع الفارق الكبير جدا بينه وبين الزميلة العزيزة! فيما اليوم ألغت جامعتها محاضرة لأديبة خليجية مسلمة فازت منذ شهر بجائزة العمود الصحفي العربي بمنتدى الإعلام العربي بدبي ليجعلنا فخورين بها، أما الأغرب فهو مبرر إلغاء المحاضرة بـ"هاشتاق" في تويتر! وبصراحة؛ ماذا يخطر في بالك حين تسمع أن جامعة يزيدها مسؤولية حمل اسم دولتها التي تنتهج الحداثة والتسامح والنهضة المتطورة، جامعة تعد منارة بناء الفكر والتسامح في الإنسان القطري ليُحسن التعامل مع النهضة العمرانية الحديثة والأهداف الإنسانية التي تؤسس لها قطر، ثم بعد ذلك ترضخ الجامعة لـ"هاشتاق" معظمه أسماء افتراضية مستعارة وبلغة تقرب للشتم! والأسوأ المبرر الذي ساقه المعترضون بأن "رواية" للضيفة فيها عبارات تجاوزت الأدب مع الذات الإلهية، والمأساة أن معظمهم فيما بدا لي وأنا أقرأ بعض التغريدات المعارضة لم يقرؤوا الرواية! بل "مع الخيل يا شقرا"، ولكن إن كانت ذائقة بعض الناس الافتراضيين غير قادرة على استيعاب الرواية كفن أدبي متخيل فعلى الجامعة التي يدرس فيها مواد الأدب أساتذة متخصصون فرز ما هو أدب مجازي يأتي بعبارات على لسان شخصية من شخصيات الرواية يفرضه تكوينها السردي والبنائي المتخيل؛ وبين ما يكون قولا صريحا منسوبا لكاتبة الرواية! فإن غابت القدرة على الفرز من قبل الجامعة فهذا سينعكس على مخرجاتها التعليمية!
ما تعرضت له الزميلة البشر جعلني أسترجع حادثة حريق نادي الجوف الأدبي الذي حدث قبل وصولي بساعات عام 2009 وقامت به قلة إقصائية اعتراضا على استضافتي بعد أن فشلوا بإجبار النادي ومديره الذي هُدد بالقتل آن ذاك الأستاذ إبراهيم الحميد لإلغاء استضافتي بسبب قراءات مغلوطة ومتشنجة لمقالاتي في "الوطن".. طبعا رغم الحريق إلا أن النادي بدعم من إمارة المنطقة مشكورة لم يلغ استضافتي وأقيمت الأمسية بظلّ حراسة أمنية، والمغزى هنا أن المسؤولين فطنوا إلى أن الرضوخ للإقصاء والتطرف سيؤدي إلى مزيد منه، فيما جامعة كجامعة قطر بمثابة منارة لبناء فكر الإنسان وتعزيز التسامح يفوتها ذلك!.
أخيرا؛ مقالي نابع من محبة خاصة لقطر وأهلنا فيها، لكن على أحبتنا هناك أن يفطنوا قبل فوات الأوان لحقيقة الإقصائيين وخاصة المتطرفين منهم حين يستشعرون سلطتهم على "قلتهم"، فلن يشبعوا أبدا برفع سقف طلباتهم الإقصائية يا أهلنا في قطر.