تصطحب طالبة اللغة الإنجليزية بجامعة الجوف "أمجاد" ملابس احتياطية بالإضافة إلى مذكراتها الدراسية عند ذهابها كل يوم إلى مبنى الكلية الأدبية خوفا من أن تتسخ ملابسها من الحَمَام الذي يشاركها قاعتها الدراسية، كما أصبحت زميلاتها في القسم لا يخفن نظرات القطط التي تواجههن في ممرات المبنى أو في القاعة حتى وإن وجدنها على منصة التدريس وهي تترقب الطالبات.
أمجاد إحدى 300 طالبة بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة الجوف عايشن مفارقات صاحبت عملية النقل المفاجئ لقسمهن من الكلية العلمية إلى مبنى الكلية الأدبية، فتارة يصفن سوء المبنى المنقولات إليه ودراستهن بين أعشاش الحمام وزيارات القطط المفاجئة، وأخرى يبدين خوفهن على مستقبلهن بعد ضياع نتائج بعض الطالبات.
ولم تتوقع الطالبة أمجاد السؤال الذي طرحته عليها مسؤولة توزيع الجداول وتنسيقها بالكلية الأدبية بجامعة الجوف وهو.. هل اجتزت مادة التحدث والاستماع؟ لتتفاجأ فيما بعد بضياع نتيجتها وكشف الدرجات الخاص بالمادة.. لتعود أمجاد وتطرح سؤالا آخر على نفسها.. ما مصيري الآن؟
ولم تخف الطالبات مخاوفهن على ضياع مستقبلهن جراء عملية النقل المفاجئة، واصفات حالهن لـ"الوطن" بأنهن ضحية خلاف بين عميدة الجامعة للكلية العلمية ورئيسة قسم اللغة الإنجليزية، وما زاد مخاوفهن هو توقيعهن على تعهدات بعدم الخوض في الموضوع مرة أخرى.
ندفع الثمن
وقالت طالبة قسم اللغة الإنجليزية (غ. العياد) "نحن الطالبات لا دخل لنا في الخلافات القائمة بين أعضاء هيئة التدريس والمسؤولين في الجامعة، لكن نحن الضحية ومن سيدفع الثمن؟"، وتابعت "والخلافات يجب أن تحل بالحوار الهادف وليس من خلال إصدار العقوبات المفاجئة كعملية نقلنا من المكان الذي ألفناه طوال 3 سنوات".
وأضافت العياد "عندما سمعنا بالنقل هرعنا نحن طالبات اللغة الإنجليزية إلى مقر العميدة في الكلية العلمية، ورفعنا شكوى خطية ـ حصلت "الوطن" على نسخها منها ـ لرفعها لجهة الاختصاص لكنها لم ترفع لأسباب نجهلها"، وتابعت "وعندما راجعنا لمعرفة التطورات واجهتنا مسؤولات الأمن بكتابة التعهدات إذا حاولنا مرة أخرى الدخول إلى المقر والاستفسار عن أمر النقل، متناسيات حقنا في المطالبة بالبقاء في المكان الذي استقبلنا لأول مرة وما هي إلا أشهر لنعود إليه لاستلام نتائجنا"، واستدركت "لو أن المبنى الذي نقلنا إليه أفضل من سابقه لبقينا لكن أول ما استقبلنا في المبنى أوراق تحذيرية من البقاء في المبنى لأنه معرض للانهيار.. لكن للأسف أن هناك من نزعها دون اكتراث بحياة الآخرين".
تصفية حسابات
زميلتها في القسم "ل. العنزي" قالت "البيئة التعليمية تعد مناخا مؤثرا على التحصيل الدراسي لاسيما الأكاديمي، بالتالي تؤثر وبلا شك على المخرجات، فالتنقلات تؤثر على التحصيل الدراسي، وليس من السهل أن تتعود الطالبة على مكان جديد ينقصه الكثير من احتياجات البيئة التعليمية، خاصة أن قرار النقل جاء فجأة ودون مقدمات، وهو ما أفرز نتائج سلبية، أولها غياب الطالبات وضياع بعض النتائج".
وأضافت "عملية النقل تلك أثرت علينا نحن الطالبات وشتت أفكارنا، ونحن لا نريد إلا حقا من حقوقنا وهو البيئة المناسبة للتعلم، وأن نحظى بما تحظى مثيلاتنا في جميع جامعات وكليات المملكة".
واستطردت بقولها "نحن تربويات ونتبع الكلية التربوية العلمية، ولا نجد مبررا لنقلنا إلى مقر الكلية الأدبية، سوى ما دار داخل أروقة الحرم الجامعي من الخلاف الذي دار في الكلية العلمية والذي أسفر عن دفعنا لثمن خلاف لسنا طرفا فيه".
وتابعت "شاهدت بعيني طالبة تتوسل لعميدة الكلية العلمية بعدم نقلنا إلى درجة أنها انهارت من كثر البكاء والتوسل"، وقالت "لم نترك بابا إلا وطرقناه في جميع الجهات المسؤولة في الجامعة دون أي تجاوب".
ضياع النتيجة
وقالت الطالبة أمجاد "في يوم الأحد 27 شوال الماضي ذهبت للكلية الأدبية التي جرت إفادتنا بنقلنا إليها لأستلم الجدول من المسؤولة عن توزيعه وتنسيقه، وإذ بي أتفاجأ بسؤالها غير الاعتيادي.. هل اجتزت مادة (التحدث والاستماع؟).. فقلت لها: نعم. لكنها فاجأتني بأنها لم تجد نتيجتي لتلك المادة، ولم تستطع الحصول على كشف الدرجات الخاص بالمادة، حينها أدركت أن أوراقي قد ضاعت جراء عملية النقل التعسفية.. فمن المسؤول عن ضياع مستقبلي؟.. وعن مادة اجتزتها ولا توجد نتيجة وأوراق تثبت ذلك؟.. والأهم ما مصيري الآن؟".
وتضيف أمجاد: تخبطات عشوائية تلك التي عشناها وعايشناها جراء النقل منها ضياع المحاضرات علينا لعدم وجود قاعة، كما حدث لنا يوم الثلاثاء 29 شوال، حيث لم نجد قاعة نحن وأستاذة علم نفس النمو لتلقي المحاضرة فيها نظرا لتكدس الطالبات في القاعات، واكتفت الأستاذة بتقييد الحضور فقط".
توقيع تعهدات
إحدى الطالبات ـ تحتفظ "الوطن" باسمها ـ قالت: عدة تعهدات قمت بكتابتها في مكتب العميدة الدكتورة هيفاء، والسبب هو أنني فقط قمت بمهاتفة جهات مسؤولة لعلي أجد تفسيرا لعملية النقل تلك، وإلى الآن لا أستطيع أن أميز بين كثرة التعهدات التي قمنا وزميلاتي بكتابتها، ولا نعلم حتى اللحظة السبب في هذا الإجراء".
النقل دون خطاب
في المقابل أكدت لـ"الوطن" رئيسة قسم اللغة الإنجليزية، الدكتورة نورة السعيد "أن عملية النقل تمت من دون خطاب رسمي من الجهات المسؤولة."
وعن المكان المنقولات إليه الطالبات، قالت "المبنى غير مهيأ خاصة في ظل تكدس الطالبات، وعدم توفر القاعات المناسبة لذلك"، وأضافت "النقل جرى وأنا خارج المملكة، وعند عودتي خاطبت مدير الجامعة بضرورة عمل صيانة للمكان والقاعات وأجهزة التكييف والكهرباء ليكون المكان على الأقل مهيأ أكاديميا، وتمت الصيانة خلال يومين".
وأبدت الدكتورة السعيد استياءها من مواصلة الطالبات للغياب رغم تغير الوضع عما كان عليه في بداية النقل، وقالت "نسبة الغياب وصلت إلى 70%"، واستطردت "ما الضير لو أن الطالبات وعددهن 249 طالبة بقين حيث أتممن سنوات تعليمهن الماضية في مقر الكلية العلمية حرصا على مستقبلهن ومستواهن التعليمي"، مضيفة "يفترض بعملية النقل أن تجري بعد عامين من الآن، وذلك لأن طالبات القسم تربويات وسجلاتهن جميعها في كلية التربية العلمية، وشهاداتهن بعد التخرج سيحصلن عليها من الكلية العلمية".
مبنى مهجور
من جانبها قالت وكيلة الكلية الأدبية، منسقة كلية العلوم الإدارية والإنسانية، منال الروضان في تصريح إلى "الوطن": إن عملية النقل أثارت غضب طالبات قسم اللغة الإنجليزية نظرا لأنهن ألفن المكان، والأهم لدينا هو ألفة البشر". وعن صلاحية المبنى قالت "لا أحد ينكر أن الدور الثالث من الكلية الأدبية شبه مهجور، ولكن جرى ترميمه والآن قد بدأت الدراسة الفعلية فيه"، وعن شكوى الطالبات من عدم وجود مظلات في الساحات الخارجية قالت "ستتخذ الإجراءات الممكنة لبنائها".
طالبات محنطات
وعن عملية النقل المفاجئة قالت "قسم اللغة الإنجليزية تابع لإدارة الكلية الإنسانية، ولا بد من النقل بغض النظر عن السنوات التي قضتها الطالبات في الكلية التربوية العلمية"، وعن شكاوى الطالبات من ذلك، قالت الروضان "الطالبات المشتكيات ما هن سوى طالبات محنطات وبقايا لقسم اللغة الإنجليزية ومتعثرات وعددهن لا يتجاوز 300 طالبة".
وأبدت الروضان استياءها من شكوى الطالبات بسبب عدم عمل أجهزة التكييف، قائلة "نحن في منطقة سكاكا وفي شدة الحر في رمضان تنقطع الكهرباء بمعدل 5 ساعات يوميا من الفجر وحتى وقت الذروة الساعة الثانية ظهرا، ولم نترك منازلنا ونهجرها، فعلى الطالبات التحلي بمزيد من الصبر".. مستدركة "وانقطاع الكهرباء عن أجهزة التكييف هو مسؤولية شركة الكهرباء".
وعن وجود خلاف بين عميدة الكلية العلمية، ورئيسة قسم اللغة الإنجليزية، قالت "بالفعل كان هناك خلاف لربما مهني بين العميدة ورئيسة القسم".
حمامة السلام
وعلقت الروضان على وجود أعشاش للحمام في المبنى بقولها "إنها حمامة السلام ولا خوف منها بل إن وجودها في القاعة يجب أن تأنس به الطالبات المحبات للسلام"، مؤكدة أن الحمامة بالفعل متواجدة في القاعة (5)، نافية وجود قطط في المبنى وقت الدوام والمحاضرات بقولها "لا صحة في ذلك، والقطط تأتي لمبنى الكلية أو القاعات بعد انصراف الطالبات لالتقاط ما تبقى من فتات الأكل".
استفسارات عدة
إلى ذلك أوضح منسق بجامعة الجوف، فهد الهباد أنه وردته عدة استفسارات من طالبات اللغة الإنجليزية حول إجراءات نقلهن إلى الكلية الأدبية وشكواهن من ذلك النقل، وعن تعليقه، قال "يفضل أخذ المعلومات الكافية من عميدة الكلية العلمية الدكتورة هيفاء الساكت".
وحاولت "الوطن" الاتصال بعميدة الكلية العلمية الدكتورة هيفاء الساكت، وتبع ذلك إرسال رسائل نصية لأخذ رأيها ومعرفة الأسباب التي أدت إلى نقل أعضاء وطالبات قسم اللغة الإنجليزية إلى مبنى آخر دون تجهيزه لكن دون تجاوب.