خسرت الأنهار الجليدية في جبال الألب أكثر من 6 % من حجمها وهي مستويات قياسية، حيث تجاوزت معدلات ذوبان تلك الأنهار بكثير الأرقام القياسية السابقة المسجلة في صيف عام 2003 الذي تميز بموجة من الحرارة الشديدة.

المشكلة ليست لها علاقة فقط بالألب ودوله، بل تشمل كذلك أوروبا كلها، وربما العالم بأكمله.

منذ 1850 انخفض حجم الأنهار الجليدية في جبال الألب بنحو 60 %، وبالتالي فذوبانها ليس جديدا، لكن المشكلة الحالية تكمن في سرعة ذلك الذوبان، فحسب دراسة علمية نُشرت في صيف عام 2022 فإن الأنهار الجليدية السويسرية فقدت نصف حجمها بين عامي 1931 و2016 كما خسرت 12 % إضافية بين عامي 2016 و2021.


عام كارثي

يعد عام 2022 عام كارثي على على الأنهار الجليدية في الألب، وذلك لعدة أسباب:

1ـ ندرة تساقط الثلوج خلال فصل الشتاء. 2ـ الرمال القادمة من الصحراء الكبرى في فبراير، والتي ترسبت على الجليد والثلج وقللت من تأثير البياض. 3ـ موجة استثنائية من حرارة الصيف مع درجات حرارة قياسية حتى على ارتفاعات عالية. وكان صيف 2022 هو الثاني الأكثر سخونة في سويسرا منذ بدء القياسات في عام 1864. وعلى إثر درجات الحرارة القياسية التي سُجّلت في جبال الألب، عثر على أغراض شتى وعلى بقايا بشرية وعلى حطام طائرة ظلت حبيسة الجليد لأكثر من نصف قرن، وربما يكتشف المزيد لاحقا.

30 عاما من الخطر

منذ عصر ما قبل الصناعة، ارتفعت درجة الحرارة في الألب درجتين مئويتين، أي ضعف المتوسط العالمي. وإن استمر الوضع، فإن نصف الأنهار الجليدية في الألب، وعددها 1500 سيختفي خلال 30 عاما المقبلة. وتبدو جميع الأنهار الجليدية في سويسرا وأوروبا في مواجهة خطر الذوبان بالكامل خلال 80 عاما تقريبا.

آسيا في وضع أفضل

في مقابل الأنهار الجليدية في أوروبا يبدو الوضع في آسيا أفضل، فالأنهار الجليدية في آسيا الوسطى لا تُعاني من آثار الاحتباس الحراري، كما أن أسطحها ظلت، بدلاً من الانكماش أو الذوبان، مستقرة أو حتى نمت.

ويبحث العلماء في الأسباب الكامنة وراء وجود هذه الحالات الاستثنائية.

مخاطر ذوبان الأنهار

يبقى السؤال، ماذا يؤثر تراجع أو ذوبان الأنهار الجليدية على مستقبلنا؟

تشير التوقعات إلى أن ذلك سيزيد مخاطر حدوث كوارث طبيعية مثل الفيضانات وتدفقات الحطام والانهيارات الأرضية، إذ يُخشى من أن تبدأ البحيرات التي ستتشكل داخل الأنهار الجليدية بالتدفق فجأة في اتجاه السهول والأودية، وتجرف في طريقها القرى والبنى التحتية، ومع استمرار ترقق الجليد والطبقة دائمة التجمّد، تصبح الجبال أقل رسوخا واستقرارًا. ويمكن أن يتم فقدان احتياطيات مهمة من المياه، وقد يقود إلى الأمر إلى نشوب نزاعات حول المياه. ففي أوروبا، وفي مناطق على بعد مئات الكيلومترات من جبال الألب قد تنخفض مستويات الأنهار الأوروبية الكبرى - كالرّون والرّاين والدّانوب وبُو - بشكل كبير في فصل الصيف، وسيُؤدي هذا إلى انخفاض في مستويات عدد من الأنهار والبحيرات مما سيُضفي صعوبة أكبر على حركة الملاحة فيها وعلى نقل البضائع.

حلول مؤقتة

ولأجل الحفاظ المباشر على الأنهار الجليدية بدأ العلماء في خوض سباق ضد الساعة في بحثهم عن الحلول، ففي نهر مورتراتش بكانتون غراوبوندن، أطلق مشروع لحماية النهر الجليدي بواسطة الثلوج الاصطناعية، وهو نظام قد يتسنّى استخدامه أيضا في جبال الهيمالايا والأنديز.لكن حتى مع الحلول المؤقت فإن العلم لا يستطيع فعل أي شيء إذا ما استمرت انبعاثات غازات الدفيئة في الارتفاع، وبذا تتخذ مبادرات كثيرة وتدابير ترمي إلى تصفير صافي الانبعاثات في كثير من دول العالم، بما فيها سويسرا التي تحتضن تلك الأنهار، مع إشاعة فكرة أن التأثير السلبي على البيئة في أي مكان في العالم هو تأثير عليها في كل العالم، وبالتالي فإن التعامل مع الانبعاثات بروح المسؤولية في أي مكان أو دولة في العالم ينعكس إيجابا عليها في العالم أجمع.

01 ندرة تساقط الثلوج خلال فصل الشتاء

02 الرمال القادمة من الصحراء الكبرى في فبراير 03 موجة استثنائية من حرارة الصيف 6 %

حجم خسارة أنهار الألب الجليدية صيف هذا العام 60 %حجم انخفاض تلك الأنهار منذ 1850

50 %حجم انخفاض أنهار جبال الألب بين 1931 و2016 1500 نهر جليدي في الألب

12 % إضافية خسرتها تلك الأنهار بين 2016 و2021 30 عاما مقبلة قد تقود لاختفاء نصف أنهار الألب