لا ينطبق على الطفل سلطان ذي العشر سنوات، إلا المثل الشعبي القائل: "رضينا بالهم والهم ما رضي بنا".

فهذا الطفل المعاق ذهنياً الذي تركه والداه في مستشفى الولادة والأطفال بالمساعدية عندما ولد قبل 10 سنوات، تنصلت الشؤون الصحية بجدة من مسؤوليتها تجاهه. وكذلك رفضت الشؤون الاجتماعية استقباله بحجة "أنه ليس مسجلاً في بطاقة عائلة، وليس من المقيمين إقامة نظامية"، وفق مدير العلاقات والإعلام في المستشفى حميد المالكي.

وسلطان لا يعاني من الإعاقة الذهنية بل أيضاً من مرضي الضغط والسكري. والمحزن أنه حاول الهرب قبل مدة حين ضاقت الدنيا به، فسقط عن سريره وأصيب بشلل كامل.

وبحسب إدارة المستشفى، فإن والد سلطان رفض تسجيله على اسمه ولا يوجد مستند أو وثيقة تثبت نسبه. ومما زاد وضع الطفل صعوبة وفاة والده لاحقاً، ورفض شقيقه الأكبر له.

 




تجرد أبوان من مشاعرهما تجاه طفلهما مختفيين تاركين وراءهما وليدهما المعاق، دونما أي شعور بالمسؤولية التي كفلها له الدين والعرف، وظل طفلهما "سلطان" حبيس سريره وإعاقته منذ 10 سنوات في أحد مستشفيات جدة.

وسردت إحدى عضوات جمعية أصدقاء مرضى جدة التطوعية لـ"الوطن" قصة الطفل المعاق ذهنيا "سلطان"، الذي يجلس في سرير طفل حديث الولادة لا يسعه جسديا منذ 10 سنوات بعدما تخلى عنه ذووه، مخلفين وراءهم فلذة كبدهم.

وقالت (د.ج) محاضرة بجامعة الملك عبدالعزيز، عضوة في فريق أصدقاء مرضى جدة التطوعي: إنها وزميلاتها دأبن على زيارة المرضى المنومين بالمستشفيات، ولفت نظرهن طفل بأحد المستشفيات لا يزوره أحد، ولا يسأل عنه ذووه، وأنهن بدأن السؤال عنه وأبلغهن مسؤول بالقسم أنه لم يستدل على والدي هذا الطفل حتى اللحظة.

وقالت "اعترف لنا المسؤول بأن عائلة الطفل حضرت قبل شهرين لإثبات بيان وراثة، وحين حصلوا على شهادة تثبت إعاقته اختفت وتركته حبيس أسوار سرير لا يحتمل طفلا في الثالثة من عمره.

وتؤكد عضوة فريق أصدقاء مرضى جدة التطوعي أن هذا الأمر "دعاها لإحضار طبيب خاص لزيارته، وأفصح الطبيب أن الطفل يعاني من الإهمال وقلة الحركة، ولو جرى تأهيله لكانت حالته أفضل مما هي عليه الآن، حيث يعاني الطفل من قلة الحركة وصعوبة النطق بل يهذي بحروف أجنبية غير عربية".

وأشارت إلى أن فاعلات خير ممن تفاعلن مع حالة الطفل أطلقن حملة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لدعمه وانتشاله من المستشفى، وتقدمن بعدد من الشكاوى لوزارة الصحة، مطالبات بمساعدة الطفل، أو إرساله إلى أحد مراكز التأهيل.

وتضيف "الطفل كان متعافيا ويستطيع الحركة داخل سريره، لكن لم يقم الممرضون بتهيئته للحركة أو تدريبه على المشي، ونتيجة للإهمال والتقصير سقط قبل شهر من السرير ليصاب بغيبوبة كاملة ويفقد بعدها الحركة كليا".

من ناحيته نفى مدير الإعلام والتوعية والعلاقات العامة بصحة جدة عبدالرحمن الصحفي مسؤولية الشؤون الصحية عن تردي حالة الطفل، لافتا إلى أن عائلته تركته قبل 10 سنوات بعد ولادته بإعاقة. وقال: إن الشؤون الصحية خاطبت الجهات المعنية دون جدوى ولم يلمسوا منها أي تجاوب.

من جهته قال مدير العلاقات والإعلام بمستشفى الأطفال والولادة بالمساعدية حميد المالكي: إن كل ما أذيع عن حالة الطفل غير صحيح، وإن هناك حملة يشنها مغرضون لا يعون أهمية العمل الخيري، وإن الطفل صرفت عليه مبالغ طائلة، مضيفا: أن الطفل الذي خلفه والداه في المستشفى قبل 10 سنوات يعاني من إعاقة ذهنية، ورفض الأب في ذلك الوقت تسجيل ابنه، متعللا بأنه فقير وغير قادر على الإنفاق عليه، كما رفض استخراج شهادة ميلاد له أو تقييده بالسجل المدني.

وأوضح أن إدارة المستشفى وجهت عدة خطابات لشرطة (أضم)، وجرى أخذ تعهد على والده في حينه إلا أنه رفض تسجيله، ولا يتوفر أي إثبات لنسب الطفل بخلاف توفر اسم والدته (صالحة) في سجلات المستشفى، وهذا لا يعني إثبات للمولود.

وعن رفض متابعة الأم لحالة ابنها، قال: ربما أن هناك عادات وتقاليد تمنعها من ذلك، مشيرا إلى أن الأب توفي قبل فترة وجرى إخطار المستشفى بذلك، وجرى استدعاء شقيقه الأكبر الذي رفض استلامه، مبينا أن الطفل يعاني من الضغط والسكر ومعاق ذهنيا ولا يستطيع الحركة.

وعن سقوطه من السرير قال: إن الطفل حركته ضعيفة ولم يسقط من السرير بل أضر نفسه في أسياخ السرير، لافتا إلى أن إدارة المستشفى خاطبت الشؤون الاجتماعية لنقل الطفل إليها وجاء رد الشؤون أن شروط قبول ذوي الاحتياجات الخاصة أن يكونوا مسجلين في دفتر العائلة أو مقيمين إقامة نظامية.