الصلابة النفسية هي أهم الركائز الأساسية في دعم النمو والعمل في بيئات العمل والحياة ذات الضغط العالي.
منذ 300 سنة قبل الميلاد كان هناك شخص يوناني يدعى زينون كان يقوم بتدريس محاضرات لطلابه ويلقيها من شرفة منزلة التي كانت تسمى (ستوا)، ومن هنا ظهر مسمى (ستواتيزم) أو مذهب الرواقية وهو مذهب فلسفي يعتمد على تقبل الحاضر وكبح النفس من الانقياد للخوف أو اللذة أو الألم وتمكين العقل من فهم الواقع والتصرف وفقًا لذلك. كما أن الإنسان لا يستطيع التمتع بالمعرفة الكاملة إلا إذا كبح جماح عواطفه وتحرر من الانفعال مع ضرورة الصبر على المشاق والتمسك بمبادئ الفضيلة.
ويقال إنه أطلق عليهم لقب الرواقيون لأنهم كانوا يعقدون اجتماعاتهم بالأروقة. ومفهوم المذهب يعتمد بشكل أساسي على الصلابة النفسية لمقاومة الإغراءات والتحديات. إن الصلابة النفسية تعتمد بشكل أساسي أن مشاعر الحسد والكراهية والإحباط والضعف هي أحكام خاطئة وأن الإنسان الذي يتمتع بصلابة نفسية وحقق كمالًا أخلاقيًا وفكريًا يصل إلى مرحلة عدم الخضوع لهذه الأفكار والمعتقدات الهدامة.
وليس الغرض هنا الحديث عن الرواقية ولكن الحديث عن الصلابة النفسية والتي جعلت الكثير يفقد صلابته ويصبح حبيسًا للأفكار الهدامة أو لإدمان المخدرات أو للدخول في عالم الجريمة.
حالات الغضب والعجز واليأس يمكن أن تكون مكلفة، كما أن جميع القرارات التي تصدر من خلال هذه المشاعر تفتقد إلى الحكمة والقوة وتكون لها نتائج غير محمودة العواقب. هناك مقولة شهيرة تقول نحن أحيانًا نعاني في الخيال أكثر مما نعاني في الواقع، وهذه المقولة قد تدفع البعض منا إلى مرحلة التأمل في الأخطاء والشرور التي قد تحدث وتخيل أسوأ الأشياء التي قد تواجهها لو قمت بعمل معين أو مبادرة ما، ومن هنا كان التركيز على تحديد المخاوف وليس فقط تحديد الأهداف. إن تخيل أسوأ الأشياء التي قد تحدث سيجعلك قادرًا على وضع الحلول التي تمنع تلك الأشياء أو على الأقل التخفيف من تداعياتها. ولأننا بارعون في توقع الأسوأ فلن تكون لدينا مشكلة في إظهار المخاوف التي نخشاها والتي قد تهدد قدرتنا وتفتر عزيمتنا.
كثير من النجاحات والانتصارات لم يكن إلا من خلال عمل يعتمد بشكل أساسي على التخطيط السليم مع التركيز على المخاوف والمخاطر المحتملة وكيفية مواجهتها. وأخيرًا قد نجد أنفسنا أمام طريقين إما خيارات سهلة وحياة صعبة أو خيارات صعبة وحياة سهلة وهذه الخيارات الصعبة هي مخاوفنا التي ترهبنا ونخشى مواجهتها.