المواطنة ليست شعارًا ننادي به ونحن لا نمثله ونحترمه، وليست زِيًا نرتديه ولا وشاحًا نتقلده لنتباهى به، ولا عَلَمًا نرفعه دون استيعاب لقيمته ومغزاه، وليست أغنية أو أنشودة نشدو بها ونحن لا نترجم معانيها سلوكًا؛ فالمواطنة لا تُختزل في مظاهر ومراسم مُعلنة ولا في حفلات وولائم مُشرعة ولا في شعارات مكتوبة وخطب رنانة جوفاء لا تستشعر المسؤوليات الإنسانية والاجتماعية والوطنية؛ المواطنة قول وفعل وأداء مخلص نزيه يخدم الوطن والمواطنين، ليساهم في التغيير الإيجابي نحو الأفضل باستيعاب الواجبات وأداء المستحقات.
المواطنة ولاء غير محدود لا يحجبه سقف ولا يمنعه حرمان ولا يُحجِّمُه مقارنات مغلوطة، هي ولاء لا ينتظر مقابلا أو امتنانا، ولاء لكل شيء يُمثّل الوطن سواء في رمزيته وكيانه الجغرافي، أو في موارده ومقدراته المادية والبشرية أو في تراثه وتاريخه وحاضره، أو في مستقبله ورؤيته وتطلعاته، ولاء لا يُقايض بثمن ولا يُشترى بمال، ولاء ليس له مقياس مادي أو وزن ملموس.
المواطنة أن تعطي بسخاء ورضا وإخلاص وحب، عطاء لا يشوبه حقد أو كراهية أو ضغينة أو أنانية، عطاء بإيثار بما تملك من قدرات وبما تستطيع بذله لوطنك ولإخوانك المواطنين من جهود، المواطنة أن تكون معطاء كريمًا بما يفرضه عليك دورك كمواطن وموقعك كموظف بتحمل مسؤولياتك الوطنية والمهنية واستشعارك لحاجات الناس ولمتطلبات الوطن، المواطنة أن تشمل القريب والبعيد بما تستطيع من خير وعطاء جزيل غير مقطوع، وأن تعطي المحروم وتعاون الضعيف وتشعر بذي الحاجة وتكافئ المستحق.
أن تنتمي لوطن يعني أنك جزء لا يتجزأ من ترابه وهوائه وسمائه، يمَسُّكْ ما يمُسَهُ ويلحقك ما يلحقه في الرخاء والشدة، الانتماء هو الانصهار في نسيج الوطن بمكوناته ومقدراته بهمومه وتطلعاته، هو التضحية والبذل دون تردد هو الُلحمة الوطنية في الرخاء والنوائب هو التكاتف والتعاون عند الشدائد والأزمات، الانتماء هو وحدة مصير وأهداف مشتركة وهو تسامح وعفو بين الناس وسمو في الأخلاق ونقاء في سريرتك مع أخيك الإنسان في الوطن، الانتماء أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك وأن تشارك وطنك في تحقيق أهدافه وبلوغ آماله، وأن تكون ذراعه التي يعمل بها ليُنجز، وظهره الذي يستند عليه ليقاوم ويسعى نحو تطلعاته، أنت القامة التي تمُثله والدرع الذي يدافع عنه ويحميه، الانتماء أن تذوب وتنصهر مع الجماعة لتحقيق أهداف مشتركة ورؤية شاملة بعيدًا عن العنصرية والتفرقة دافعًا نحو الاندماج والانخراط لمصلحة الوطن.
أن تفتخر بوطنك فذاك عزك وتلك قوتك، وطنك هو عزوتك وأهلك الذين تزهو بهم وتعتز وتفتخر، الوطن هو الغطاء والأمان الذي تجده في شدتك وضعفك، وهو الكيان الذي يحتضنك منذ ولادتك وحتى مماتك، هو رمزك وهويتك ومُعرِّفك الذي تفخر به، وطنك هو ديرتك وبيتك الذي تسكن فيه وهو المأوى الذي تلجأ إليه وتطلبه حين تضيق بك الأرض بما رحبت.
في يومنا الوطني نستلهم ما منحنا الله من خيرات وفيرة، وما أسبغ علينا فيه من النعم الكثيرة وما نُحسد عليه من الاستقرار والأمن والأمان الذي نتمتع به في كل بقعة من أرض الوطن لا يقدرها إلا فاقدها، نحمد الله على قيادة حكيمة وإدارة سديدة ورعاية أبوية حانية وريادة شابة سخرها الله لترفع راية الوطن والدين ولتقوده إلى العلياء والمجد، اليوم الوطني هو اليوم الذي تُضخ فيه دماء القوة والفخر بالوطن، هو اليوم الذي تتجدد فيه روح الشغف والانتماء والولاء، فالسعودية هي الوطن والدار التي تسعى لتقديم الفرص الوفيرة لتُمكن الإنسان من المساهمة في بناء صرحها وازدهارها واستمرار رقيها، لتمنحه فخر المشاركة في رفعتها وتقدمها.