تختص رواية "عداء الطائرة الورقية" للأفغاني خالد حسيني بالبحث في دواخل الإنسان البسيط.

تحكي الرواية أن الطفل "أمير"، وصديقه "حسان"، اللذين يعيشان في ضواحي العاصمة كابول قبل أن يحط فيها غراب الحرب، ففي أواسط ستينات القرن الماضي ولدا، ووجد كل منهما في الآخر صديقا، لكن التضحية تجاه الآخر كانت تبدأ دائماً من حسان الذي يعيش مع أبيه في مبنى خاص قرب منزل "والد أمير"، ويبدو شبه خادم هو وأباه، لكن هذه العلاقة التي تبدو بسيطة تحمل أسرارها في متن الرواية.

تستند الفكرة الأساسية للرواية إلى أن الضمير الإنساني الذي يترجم أفعاله غالباً بالشعور بالذنب تجاه أمر ما، أو شخص ما، هو الذي يقود مصير "أمير" كي يبتعد عما يجعله يشعر بالذنب تجاه صديقه ـ الغريم حسان، الذي ينقذه دائماً من المواقف الخطرة، والذي يضحي في سبيل تلك الصداقة، ولا تدل أحداث الرواية مطلقاً على أن قيام حسان بذلك يأتي بدافع الولاء لسيده أو مخدومه.

يغادر حسان وأبوه بيت والد أمير إلى أميركا قبيل الانقلاب الشيوعي على الملكية، لتتدحرج أفغانستان بعد وقت قليل في أتون الحرب، مروراً بحكم أمراء حرب الطوائف، ومن ثم صعود ظاهرة "طالبان"، وصولاً إلى الاحتلال الأميركي في نهايات عام 2001.

وفي الطريق إلى أميركا، من كابول إلى بيشاور الباكستانية، يظهر المعدن الصلب للأب، عبر أحداث كثيرة خاطفة، وصولاً إلى رفض الأب بطاقات الطعام التي تُمنح للعاطلين عن العمل في أميركا، حتى تقول الموظفة "أقوم بهذا العمل منذ خمس عشرة سنة، ولم يفعل أحد هذا من قبل".

سريعاً ما يبدأ الراوي، منذ الأسطر الأولى، بسرد حكايته، بطريقة استرجاعية لا تعتمد على الطريقة السينمائية، وإنما هي مجرد توطئة تضفي على حبكة الرواية شيئاً من التشويق، فالرواية فيها كثير من التشويق، لكن اختصاصها يبقى في سبر العوالم الداخلية، لطفل، ووطن مضيَّع، وغربة لا تشبه الغربة، في عالم أفغاني يسكن في قلب أميركا المادية، لكنه يحافظ على عاداته وتقاليده في مجتمع شبه منغلق على نفسه.

على الرغم من ذلك، فالنهاية لم تكن سعيدة، كانت قلقة، وهذا ما عبَّر عنه خالد حسيني في الصفحات الأخيرة من الرواية "في النهاية، الحياة ليست فيلماً هندياً.. يحب الأفغان القول: تستمر الحياة، لا تهم البداية، بل النهاية، إما الكارثة أو نهاية الآمال".