إن تقسيم جرائم القتل وغيرها كالسطو والاعتداء..إلخ، وإعطاء وصف واضح معرف نظاما لكل جريمة، يسهل من عمل النيابة العامة ويجلي أي غمة لدى القاضي ناظر الموضوع في المحكمة الجزائية، ومع الوصف يوجد تقسيم من درجة أولى إلى الثانية والثالثة والرابعة أحيانا حسب جسامة الجرم، ولكل درجة عقوبة بحد أعلى وأدنى توخيا للعدالة.

كما ننتظر صدور النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، والذي أبرز ملامحه أنه لا جريمة إلا بنص نظامي ولا عقوبة إلا بحكم قضائي وسوف يغير هذا النظام القانون الجنائي السعودي للأفضل، ولا شك بأن هذه نقلة نوعية ينبغي أن تتبعها نقلة أخرى في الأوصاف الجرمية، فهذه الأوصاف لا تطلق جزافا وينبغي أن تكون واضحة، ولهذا جاء مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص نظامي قاطعا لأي اجتهاد قد يفرض مسؤولية مدنية تنتهي بالتعويض.

إن منظومة القانون الجنائي مرتبطة ببعضها البعض، فالقاعدة لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص نظامي تضبط إيقاع الدعاوى من النيابة العامة إلى قاعات القضاء، بل وكذلك تساهم في تسهيل عمل جهات الضبط الجنائي، فلا يكون هناك اجتهاد إلا مدروس ومحدد بحدود نظامية معروفة مسبقا، وكلما زاد الاحتياط في الإجراءات الجزائية كان الحكم القضائي أكثر تحريا للعدالة، ولا شك أننا في مرحلة تفرض علينا أن نضع أوصافا جرمية محددة لكل جريمة لأن أوصاف الجرائم كثيرة في وسط مجتمع مدني حديث معولم متعدد العلاقات، فكلما زاد تعقيد الحياة وازدادت معه جرعة العولمة زاد تنوع الجريمة وتعددها، بل إن هناك جرائم مستحدثة وقد لا يعاقب عليها القانون إلا لدى معرفة المشرع بضرر تصرف ما، ثم بعد ذلك يجرمه وفق إجراءات تشريعية سليمة توائم الصالح العام، فالقانون الجنائي أشبه بكائن حي ينمو ويتغير وفق متطلبات المجتمع، فضلا عن أن الجريمة نفسها تتأثر بعوامل عديدة منها الاقتصادي والاجتماعي والتطور التقني..إلخ. بل الجريمة قد تتغير من زمن لآخر ومن حي لآخر، ولهذا فإن صدور النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، سيكون تدشينا لمرحلة شعارها تمكين القانون الجنائي بكامل أدواته.