لا تبالي أم عبدالله كثيرا بنفحات البرد والضباب التي بدأت تغلّف الجو في عسير، ويظل اهتماما منصبا على بيع خبز صنعته في منزلها وافترشت الأرض في العراء، لبيعه في محاذاة مستشفى عسير المركزي. فأم عبدالله وأخريات مثلها تقدمن في السن وجدن في هذا العمل مصدر دخل تصفه بأنه "أفضل من لا شيء" يساعدها على مصاعب الحياة، بينما احترفته فاطمة لتحقق دخلا إضافيا يمكنها أيضا من تسديد راتب خادمتها الآسيوية التي تساعدها على إعداد الخبز، إضافة إلى "المتعة والنشاط".

وحولت النسوة بيع خبز التنور والفطائر وبعض المأكولات الشعبية من عمل موسمي في فصل الصيف حين تكون المنطقة مقصدا للمصطافين من أنحاء المملكة، إلى عمل دائم خصوصا أن الإقبال لا يزال معقولا إذ يعرّج على بسطاتهن قاصدو مشاتي تهامة.

وككل قصص الكفاح اصطدمت النسوة البائعات بعقبات أبرزها الطلب منهن الابتعاد عن المستشفى أو الرصيف. لكن أمين منطقة عسير المهندس إبراهيم الخليل بشّرهن بتحسين أحوالهن. وقال لـ"الوطن": "لدينا توجه بإقامة أكشاك لـ"بسطات" النساء، في مواقع مناسبة".

 




لم يثنهن انتهاء موسم الصيف وقلة الزبائن، وبدء تقلبات الجو عن مواصلة عملهن ساعات طوال خلال النهار، بل قد يمتد أحيانا إلى الليل.

نساء من عسير اخترن موقعا في مدخل مدينة أبها من الجهة الجنوبية، بجوار مستشفى عسير المركزي، لبيع منتجاتهن الغذائية، وسط تباينات فيما يخص الهدف من البيع، فمنهن من فرضت عليهن الحاجة والعوز الخروج من المنزل للعمل، وأخريات يعملن من باب زيادة الدخل، وقضاء الوقت فقط .

حول الأسباب التي دفعتها لهذا العمل، قالت أم عبدالله إنها أرملة، وليس لديها إلا بنت وحيدة ما تزال طالبة، ووجدت في بيع منتجات شعبية تعدها في المنزل بمساعدة ابنتها، مصدر دخل متوسط، إلا أنه ـ على حد تعبيرها ـ أفضل من لاشىء.

وقالت "خلال موسم الصيف المنصرم، أدركت مدى إقبال العديد من المصطافين وأهالي المنطقة على المأكولات الشعبية مثل خبز التنور، والشاي المعد في المنزل، وبعض الفطائر، وإقبال الزبائن لايقارن بالصيف، إلا أنه إلى حد ما مقبول ، وخاصة إجازة نهاية الأسبوع".

وفي موقع آخر تقول فاطمة الشهراني إنها تستعين بخادمة من جنسية آسيوية، لإعداد وجبات شعبية في المنزل من أهمها خبز التنور، والسمبوسة، وبعض المعجنات، وتسوقها، مشيرة إلى أنه لايوجد دخل لديها سوى الضمان الاجتماعي، وما يقدمه لها أبناؤها من مبالغ بصفة دورية، وأن حالتها المادية متوسطة ، إلا أنها وجدت في هذا العمل متعة ونشاطا وزيادة دخل، وتضيف مازحة " استطعت أن أوفر راتب الخادمة، وأن أزيد عليه".

أما البائعة أم سعد فقالت "رغم انقضاء موسم الصيف، إلا أن الإقبال لايزال مقبولا، لاسيما من أولئك الذي يقصدون مشاتي تهامة، إذ يتوقفون لتناول الشاي أو الخبز البلدي، وبعض الفواكه التي تعد أشياء أساسية في رحلتهم.

وأضافت أنها تعد الوجبات في المنزل، وتضعها في الحافظات اللازمة، وتأتي إلى الموقع يوميا من الثانية ظهرا، وتظل حتى صلاة المغرب.

وتؤكد البائعة أم أحمد أن مادفعها لذلك العمل، هو عدم وجود دخل لديها باستثناء ما يصلها 800 ريال شهريا تستلمها من الضمان الاجتماعي، مشيرة إلى أنها وجدت في البيع شبه اليومي دخلا جيدا ، إذ تبيع رغيف الخبز بخمسة ريالات، فيما يتم بيع كوب الشاي بريالين ، أما المعجنات فتخلفت أسعارها.

وأضافت أنها في كل يوم تتعلم طرقا جديدة في عرض المأكولات، وتتبع ما يريده الزبائن، وتحاول تلبية تلك المتطلبات، وطالبت أمانة المنطقة بوضع تنظيم يضمن لهن مواقع جيدة، ويسهم في تنظيم نشاطهن بصورة أفضل.

من جهته أكد أمين منطقة عسير المهندس إبراهيم بن محمد الخليل لـ "الوطن " أن هناك توجها لدى الأمانة لتنظيم مواقع البسطات الخاصة بالنساء، من خلال إقامة بعض الأكشاك، في مواقع مناسبة .