مع اقتراب عودة الطلاب والمعلمين إلى صفوف الدراسة ومع ازدياد هموم التعليم وعدم وضوح الرؤية للمستقبل التعليمي، مما جعله خلال العقود الماضية مسرحًا للتجارب التعليمية المختلفة، والتي أثبت معظمها عدم جدواها.

ورغم جودة بعض مدارس التعليم الخاص إلا أنه وبسبب ارتفاع أسعارها وعدم وجود العدد الكافي منها فلم تصبح منافسًا مثاليًا للتعليم العام. كما أن بيئة التعليم لم تتغير من حيث العدد الكبير للطلبة داخل الفصل وشح عدد المعلمين وانخفاض معايير الصيانة والسلامة وضعف البنية التحتية لمعظم المدارس. وحيث إن جميع جوانب الإصلاح السابقة تركزت على كل شيء إلا الجانب الأهم في العملية التعليمية وهو جانب الاستثمار في المعلم الذي يشكل النواة الأساسية لإصلاح منظومة التعليم.

وللتركيز على هذا الموضوع تتحدث خبيرة التعليم تريش ميلينز عن كيفية أن تكون المدارس مركزًا لنبوغ الأطفال.


إن التعليم التقليدي ما زال يجبر الطلبة على الجلوس في فصول والاستماع لتلقين المعلم وعليهم حفظ المعلومات دون فهمها ومعظمهم يظل بالفصل شارد الذهن.

أما المعلم فنصف الوقت يقضيه في ضبط الفصل ثم يشاهد أمامه ثلاثين طالبًا ويسأل نفسه كيف يستطيع إيصال المعلومة لهذا العدد وفي ثلاثين دقيقة.

وتتساءل الخبيرة تريش كيف يمكن لبيئة تعليمية مشابهة لهذه البيئة أن تصدر مواهب لتنظيم المجتمع وإدارة الأعمال والاقتصاد، وهل يستطيع هذا النوع من التعليم صقل قادة المستقبل؟!

ويرى خبراء التعليم أنه يجب التركيز على أن يتصور الطلبة أنفسهم كأشخاص ناجحين في الحياة وأن أداء المعلم للدرس وإعطاؤه الحرية والتأهيل اللازم سيجعله يلعب دورًا كبيرًا في صقل نبوغ ومواهب الطلاب.

كما يرون أنه حان الوقت ليقول المعلمون كلمتهم عن طرق التدريس الحالية ومناهج التدريس، وهل أضافت للطلاب بعدًا في الدقة الفكرية، وأساليب البحث العلمي وفكرًا مستقلًا في ظل استخدام طرق الحفظ والتلقين؟

وتستمر تريش في التساؤل هل يتم أخذ رأي المعلمين في عملية تطوير العملية التعليمية أم هم مجرد متلقين ومؤدين لما يملى عليهم من مناهج وطرق تدريس؟

لقد حان الوقت أن يشارك المعلمون والطلبة في وضع الرؤية والاستراتيجية لمستقبل التعليم عوضًا عن الحفظ لاجتياز اختبارات ومعلومات لا يستفيد منها الطلاب في حياتهم المستقبلية.

كذلك يرى خبراء التعليم أن أفضل الطرق لتطوير التعليم هو من خلال المعلمين وفهمهم لطريقة تعلم كل طالب مع استخدام عدة طرق لتقييم طلبتهم ووضع المعايير اللازمة للحصول على النتائج النهائية، بدلا من الاعتماد على اختبار تحريري فقط. وعملية تطوير التعليم والتي تركز على المعلم بشكل أساسي لا تغفل دور الأسرة والبيت، والذين يجب إشراكهم لمتابعة ومعاينة تجارب وإبداعات أبنائهم. إن إفساح المجال للمعلم في تطوير العملية التعليمية سيجعله يشعر بالفخر بما يقدمه للطلاب والمجتمع من خلال التركيز على تطوير مهارات التفكير النقدي المتقدم والفهم التجريبي لا النظري وإرساء مفاهيم حب الاستكشاف واستخدام المخيلة العقلية للطلاب.

إن عملية تطوير التعليم تعتمد بشكل أساسي على إطلاق قدرات الطلاب الكامنة وليس على ترويضهم ومصادرة مواهبهم.