يجب علينا كأشخاص ألا نخاف من طرح أفكارنا خشية نقدها أو الإشارة إليها بأنها معقدة وصعبة التنفيذ لا سيما والبعض منا لديه ملكة تذوق وفهم الأفكار العظيمة كما أن الأفكار العظيمة لها وقع مختلف عن تلك الأفكار والأطروحات النمطية. وأعظم تلك الأفكار التي يكون مصدرها الاهتمام بعواطف ومشاعر المجتمع وهو أمر قد لا يحبذه الكثير من العنصريين والأحزاب المتشددة، والذين يعتمدون بشكل أساسي على لغة الكراهية والمذهبية. لقد أصبح العصر الحاضر مع انتشار التكنولوجيا ووسائل التواصل يقود أساليب النجاح لأي مجتمع من خلال المشاعر والعواطف الجماعية. لقد أصبحت وسائل التواصل تتبنى وتنشر جميع الأحداث حتى تلك الأحداث الصغيرة في مجتمعات صغيرة لتذهب بعيدًا حول العالم. وحيث إن جميع الأبحاث والأفكار والأطروحات تتحدث عن الجدوى الاقتصادية والربح والخسارة والإنتاجية وقلما نرى أبحاثا أو دراسات تتحدث عن الأمور العاطفية مما يجعلنا لا نهتم بالمشاعر والإنسان. إن أي مجتمع شئنا أم أبينا هو مليء بالمشاعر والعواطف إلا أنه لا يتم أخذ هذه المشاعر على محمل الجد أو يتم استغلالها بشكل سيئ لنشر الفرقة والكراهية والتنافر كما هو الحال في أحزاب القتل والدمار. وبسبب جودة الأفكار فإننا نقسم العالم إلى عالم متقدم ومتحضر وعالم متأخر ومتخلف، ولكن هل هذا النوع من التقسيم عادل وصحيح؟ إن عقدة النقص التي توارثتها بعض المجتمعات وأنها أقل من غيرها لم تخلق في تلك المجتمعات روح التنافس وأصبحت تلك المجتمعات تخجل من طرح أفكارها والتي دائما ما تتعرض للنقد والاجتثاث دون التدبر أو التفكر فيها أو حتى الاهتمام بالجانب العاطفي والأخلاقي لتلك الفكرة. والحقيقة أنه وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة للحاق بركب الحضارة إلا أن تلك المجتمعات لا تزال تسير على رمال متحركة وغير مستقرة، ولا بد من إيجاد أرضية صلبة ليتم بناء الأفكار العظيمة واحترام المشاعر والتخلص من الماضي الذي ما زال يؤثر فيها ويورثها عقدة النقص والتأخر عن البقية. إن التغيير للأفضل مليء بالتحديات والتغيير السريع سيجعل الكثير يشعر بالقلق ويطالب بالتباطؤ والتريث قليلا بحجج كثيرة معظمها عاطفي ولم يتم معالجته كالعادات والتقاليد والعنصرية والقبلية والمذهبية. وعندما تظل الأفكار حبيسة هذه الأشياء فإن ذلك يسمح للفوضويين بالدخول للمجتمع ونشر أفكار الكراهية والقبلية والتشدد والرجعية والحروب وعدم الانفتاح على حساب الوطنية والمجتمع المتوحد، وتصبح تلك المجتمعات مناخا خصبا لأي فوضى خلاقة فهي مجتمعات من السهل اختراقها من قبل الفوضويين والتأثير فيها، ولنا فيما يحدث ببعض الدول المجاورة خير شاهد. إن الفوضويين يعتمدون بشكل أساسي على محاربة تعددية الأفكار وعدم تقبل الاختلاف، كما أنهم يعتمدون بشكل أساسي على الخواء الفكري للمجتمعات. ولأنه لا يوجد تبادل فكري ناضج، فنجد أن هذه المجتمعات كانت وما زالت تعيش حالة من الصراع، وأن هذا الصراع تم توارثه من عشرات القرون. إن توريث الكراهية جعل تلك الأحزاب لا تشعر بالحزن لتلك المآسي الإنسانية التي تحدث لبعض البشر ويعود السبب في ذلك لأنهم ليسوا من نفس الديانة أو المذهب أو اللون، وبمعنى آخر لأنهم يحملون أفكارا مختلفة.

الفوضويون يعتمدون بشكل أساسي على محاربة تعددية الأفكار وعدم تقبل الاختلاف كما أنهم يعتمدون بشكل أساسي على الخواء الفكري للمجتمعات