أثبتت التطورات الجارية في مصر، والتي أعقبت نتائج الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، أن بونا شاسعا يحول بين واقعنا كشعوب عربية، وبين أحلامنا الديموقراطية.

قبل أيام، جرى تغيير في قصر الإليزيه، غادره اليميني نيكولا ساركوزي، ودخله الاشتراكي فرنسوا هولاند، وقبل ذلك كانت انتخابات في إسبانيا، وتبادل اليمين واليسار المواقع، ولم نشاهد في هذه الدول احتلالات للساحات والميادين، ولا اقتحاما واحتلالا وإحراقا لمكاتب أحزاب مناوئة. تجري الأمور في أوروبا بسلاسة، ومن دون أي ضجيج.. يعلم بالتغيير الشعب، ولا يحضر مراسم التسلم والتسليم سوى المقربين من الخلف والسلف، ووسائل إعلام تأخذ صورا تذكارية، لتعلق في بهو القصر لتكون من تاريخ هذا البلد أو ذاك وعراقته الديموقراطية.

كأن المرشحين إلى الرئاسة المصرية، يبشرون بأنهم سيكونون امتدادا للعهد السابق، وأن دخولهم المقر الرئاسي سيدوم ويدوم ويدوم، إلى أن تقوم ثورة، متناسين أن من أوصلهم إلى المنافسة هي الثورة التي أنهت النظام السابق.

لا نطالب الشعب المصري أن يتفوق على قادته بالديموقراطية، بل نطالب القادة بأن يرحموا أنصارهم الذين نزلوا إلى الميادين، وكادوا يشعلون البلد من أجل أن "يولعوا سيجارة"، فهؤلاء والمرشحون الذين لم يحالفهم الحظ هذه المرة، يجب أن يدركوا أن أربع سنوات لا تمثل شيئا في عمر الشعوب، وأن من انتظر طيلة العقود الماضية، يمكنه أن يؤسس خلال السنوات الأربع المقبلة لدور سياسي، يتلافى فيه أخطاءه، ليقدم نموذجا مغايرا، عن ديموقراطية ما زالت تحبو.