في بريطانيا، تعاني غالبية المساجد من اعتداءات بدافع الكراهية والعنصرية، ولا تواجهها السلطات والأمن بجدية، فلا تعاينها الشرطة، ولا يحقق مع المعتدين فيها.
وكان مصلون خارج مسجد فينزبري بارك شمال لندن تعرضوا لعملية دهس خلال الأسبوع الماضي، ليكون ذلك حلقة جديدة من سلسلة ارتفاعات غير مسبوقة في عدد الهجمات التي تتعرض لها المساجد في بريطانيا بحسب مؤسستي (MuslimCensus) و(MEND).
تحت الضوء
منذ الهجوم الإرهابي على مسجد «كرايتس تشرش» في نيوزيلندا سنة 2019، والذي أوقع عددًا كبيرًا من القتلى، بدأت الاعتداءات على المسلمين تتزايد.
وكشف استطلاع لمؤسستي (MuslimCensus) و(MEND) أن نحو 42% من المساجد التي شملتها الدراسة تعرضت لهجوم بدافع ديني خلال السنوات الـ3 الماضية، منها هجمات تخريب، ورشق زجاج النوافذ بالحجارة واعتداء على سيارات القائمين على المساجد، وكتابة شعارات وكلمات عنصرية على جدرانها.
كما تعرض 32% لسرقات ما في داخلها، خصوصًا صناديق التبرعات على أبوابها، وتلقت 32% من المساجد رسائل عنصرية وتهديدات بالقتل.
انقسام واستياء
يبدي 49% من القائمين على المساجد في بريطانيا عدم رضاهم عن تعامل الشرطة مع الاعتداءات التي تتعرض لها تلك المساجد، بينما يرى 38% منهم أن الشرطة لم تتخذ أي إجراءات للتحقيق في الاعتداءات التي تعرضت لها.
ومقابل عدم الرضا عن تعامل الشرطة مع الاعتداءات، أطلقت الحكومة البريطانية خطة تمويل بـ23 مليون دولار لتثبيت كاميرات مراقبة في المساجد وتوظيف رجال أمن، لكن ثلث طلبات التمويل تلك تمت الموافقة عليها فقط في العام الماضي، فيما رفضت بقية الطلبات.
معاناة المسلمين
بيّن استطلاع أجرته مؤسسة «هايفن» (Hyphen) أن 7 من كل 10 مسلمين في بريطانيا يتعرضون لممارسات الإسلاموفوبيا في العمل، وأجري الاستطلاع بين 22 أبريل و10 مايو الماضيين، بمشاركة 1503 مسلمين بريطانيين.
وأشار 69% من المسلمين البريطانيين إلى أنهم يواجهون صورة من صور الإسلاموفوبيا في التعاملات المرتبطة بالعمل، من بينها عند التعامل مع العملاء وغيرهم (44%)، وأثناء المناسبات الاجتماعية المرتبطة بالعمل (40%)، وعند طلب الترقيات (42%).
ومقابل المعاناة، إلا أن المسلمين ينخرطون أكثر فأكثر في المجتمع البريطاني، فوفقًا للاستطلاع نفسه يشير 50% إلى أن حياتهم تحسنت خلال السنوات الـ5 الأخيرة، ورأى 68% أن مشاركة المسلمين في المجتمع تزايدت، وأن 53% من المسلمين يحظون بمزيد من القبول في بريطانيا اليوم.
شكوى برلمانية
وسط تركيز متزايد وضرورة اعتماد تعريف رسمي للإسلاموفوبيا في بريطانيا، كانت النائبة المسلمة زارا سلطانة فجرت نقاشًا حول العنصرية ضد المسلمين من داخل قاعات البرلمان، محذرة من خطر التغاضي عن هذه الظاهرة، ومنذ سنوات تتأخر الحكومة البريطانية في اعتماد تعريف رسمي للإسلاموفوبيا.
وقدمت زارا نماذج عن رسائل تلقتها مليئة بالعنصرية والتجريح والتحريض، ووجدت كلمة زارا في البرلمان تفاعلا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وشاهدها على صفحتها فقط أكثر من 500 ألف شخص خلال يومين.
الإسلاموفوبيا
يعرّف الإسلاموفوبيا بأنه الخوف من الإسلام ومن المسلمين، أو بشكل أدق، الخوف المفرط من الإسلام والمسلمين، أو أي شيء مرتبط بدين الإسلام، مثل المساجد والمراكز الإسلامية والقرآن الكريم والحجاب.. إلخ، وتُعَد هذه الظاهرة شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز.
وتتجلى ممارسة الإسلاموفوبيا في المواقف والتصرفات، وفي ارتكاب أعمال عنف، كحرق مساجد وتخريب ممتلكات وإساءة معاملة للنساء المرتديات للحجاب أو الإساءة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وتشويه رموز الإسلام المقدسة.
صور سلبية
لا تقتصر معاناة المسلمين ومساجدهم على التمييز في العمل والتعامل والاعتداءات فقط، أقرت دراسة للمجلس الإسلامي البريطاني عام 2020 أن هناك تركيزًا على تصوير المسلمين بشكل سلبي في وسائل الإعلام، وكشف تقرير لهيئة لندن الكبرى أنه في تغطية لمدة أسبوع من قبل وسائل الإعلام البريطانية، كانت 91% من القصص عن المسلمين سلبية في طبيعتها.
في المقابل، أشارت بيانات وزارة الداخلية البريطانية في أكتوبر الماضي إلى أن ما يقرب من 50% من ضحايا جرائم الكراهية في إنجلترا وويلز في العام المنتهي كانوا من المسلمين، وذلك بنحو 2703 جرائم كراهية ضد المسلمين.
الحكاية المعممة
لا يقتصر ارتفاع الإسلاموفوبيا على بريطانيا، فثمة صعود عالمي لهذه الظاهرة، ففي السويد مثلا خلص بحث في مايو الماضي عن أن أشخاصا كثر لديهم تصورات نمطية وسلبية عن المسلمين تساعد على توفير تربة خصبة لجرائم الكراهية والتمييز.
وفي ألمانيا، رفض البرلمان الألماني الفيدرالي في 15 يناير2021، مقترحاً تقدم به حزب اليسار (69 نائباً من 709)، لرفع التمييز ضد الجماعات الدينية وتعزيز أمن مساجد المسلمين. وحمل المقترح اسم «العنصرية والتفرقة ضد المسلمين في ألمانيا»، ورفضته أحزاب الاتحاد المسيحي، والحزب الديمقراطي الاجتماعي، والحزب البديل من أجل ألمانيا، والحزب الديمقراطي الحر.
وصوت مجلس الشيوخ في البرلمان الألماني على تشريع يحظر على العاملين في القطاع العام ارتداء الرموز الدينية، بما في ذلك الحجاب في مايو 2021.
وفي النمسا ارتفعت نسب الإسلاموفوبيا بشكل ملموس، ونفذت عددا من القوانين التي تعكس الخطاب المعادي للدين الإسلامي، مثل حظر المساجد أو المآذن، وحظر ارتداء الحجاب، و فرض برامج المراقبة، وفرض القوانين التمييزية، مثل قانون الإسلام النمساوي 2015.
وفي سويسرا منع ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وفي هولندا ثمة تحيز ضد المسلمين في وسائل الإعلام والسياسة والتعليم، وبات غرس الخوف من الإسلام أمرا معتادا في أوساط المجتمع الهولندي، وفي بلجيكا يصور الإسلام على أنه مشكلة سياسية في البلاد.
متاعب للمسلمين في بريطانيا (خلال السنوات الـ3 الماضية)
- 42 % من مساجد شملتها دراسة لمؤسستين تعرضت لهجوم بدافع ديني.
- 32 % من تلك المساجد تعرضت لسرقات ما في داخلها.
- 32 % منها تلقت رسائل عنصرية وتهديدات بقتل القائمين عليها.
- 49 % من القائمين على المساجد في بريطانيا غير راضين عن تعامل الشرطة مع الاعتداءات عليها.
- 38 % منهم يرون أن الشرطة لم تتخذ أي إجراءات للتحقيق في الاعتداءات.
- 23 مليون دولار لتثبيت كاميرات مراقبة في المساجد وتوظيف رجال أمن.
- 33 % فقط من طلبات تمويل كاميرات المراقبة وجدت الموافقة.
- 69 % من المسلمين البريطانيين يواجهون بالإسلاموفوبيا في التعاملات المرتبطة بالعمل.