ترتبط صلوات العيد في مسجد الغمامة، الذي يعد مصلى العيد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ويقع جنوب غرب ساحة المسجد النبوي، ويعتبر من أكثر المواقع المرتبطة بسيرة الرسول، وكذلك ارتباطه بصلوات العيد.

تظليل الغمام

وأوضح الباحث في تاريخ ومعالم المدينة المنورة، الدكتور عبدالله كابر، أن الغمامة مسجد تاريخي يقع في الجهة الجنوبية الغربية من ساحات المسجد النبوي الشريف، في منطقة تعرف تاريخيا بالمصلى، حيث كان الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، يصلي الصلوات ذوات الأسباب الأعياد والاستسقاء، وكان آخر عيد صلاة للنبي في المصلى، واشتهر المسجد الأكبر في المصليات بمسجد الغمامة، ومعنى الغمامة في اللغة العربية كما ورد في قاموس المعجم الوسيط، أنها السَّحابة والجمع: غَمائمُ، وغَمَامٌ.


والمتأمل في السيرة العطرة يجد أن معجزة تظليل الغمام له، تكررت في أحوال مختلفة وأماكن متعددة لا يسع المقام لبسطها، حتى وصف صلى الله عليه وسلم بالمُظلل بالغمام عليه الصلاة والسلام.
وفي هذا المقام أشير لحادثة بعينها، وهي السحابة التي أنشأها الله له في منطقة المصلى، والسحابة لغة يقال لها الغمامة، ومعلوم أنه إذا أطلق لفظ المصلى تاريخيا في العهد النبوي، يراد به هذه المنطقة وسنن الإمام أبي داوود رحمه الله، هو أحد الكتب الستة ومصدر مهم من مصادر السنة النبوية الشريفة، ثبت فيه أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، خرج إلى المصلى للاستسقاء بعد أن شكا الناس إليه قحوط المطر، فلما استسقى وتضرع لله أنشأ الله له سحابة فأمطرت والسحابة في لغة العرب يقال لها الغمامة، وهو الذي أصبح اسما وعلما بالغلبة على مسجد الغمامة، والحديث الذي ورد فيه ذكر خروجه صلى الله عليه وسلم إلى المصلى وأن الله أنشأ له سحابة فأمطرت، أخرجه الإمام أبو داود رحمه الله في كتاب الصلاة باب رفع اليدين في الاستسقاء.
جذب ووجهة

وكل من يشرف بزيارة مسجد الغمامة يستدعي تاريخه، ويستنطق ذاكرته المكانية يطوي بذلك حُجب الزمن، ليجد نفسه ماثلا بين صفحات المجد والعز في العهدين النبوي والراشدي، حيث القصص والأحداث التي شهدتها منطقة المصلى وأول بناء لمساجد المصلى التاريخية، كان في أواخر القرن الهجري الأولي، تم بإشراف أمير المدينة آنذاك عمر بن عبدالعزيز.

وكان ولا يزال مسجد الغمامة محل اهتمام وعناية، وقد دشن أمير منطقة المدينة المنورة الأمير فيصل بن سلمان قبل سنوات، انتهاء أعمال تأهيل وترميم عمارته التاريخية والحفاظ على أصالته التراثية، واليوم يعد مسجد الغمامة ومنطقة المصلى أحد أهم عناصر الجذب السياحي، ووجهة لضيوف الرحمن وزوار المدينة المنورة خاصة في المواسم والأعياد.

ويتمتع مسجد الغمامة بقربه من المسجد النبوي الشريف، مما يسهل على الزوار سرعة الوصول إليه وزيارته، ضمن ما يزورنه بحمد الله من معالم تاريخية، تزخر بها طيبة الطيبة على مطيبها أفضل الصلاة والسلام