لعل من أصعب الأمور أن يكون لك أعداء بسبب اعتدالك ووسطيتك، ولأنك تحرص على نشر الصورة الحقيقية للإسلام. خلال الأسبوع الماضي تم شن حملة واسعة استهدفت ظاهريا الشيخ محمد العيسى، ولكن المقصود الحقيقي بتلك الحملة الهمجية كانت المملكة العربية السعودية التي قامت بتكليف العيسى بخطبة عرفة كضربة قاصمة أصابت التشدد والإرهاب في مقتل، ورسخت مبدأ تغيير الخطاب الديني الذي سيطر عليه الإخوان والمتشددون لعقود من الزمن.

إن معركة الاعتدال مع التطرف هي معركة طويلة وواجهت العديد من التحديات والصعاب قبل أن يستطيع أهل الوسطية والاعتدال تجفيف منابع الإرهاب والتخلص من التطرف والتشدد.

إن الشيخ العيسى وغيره من المعتدلين هم صورة للإسلام الحقيقي الذي يؤكد التعايش والسلام وينبذ العنف والقتل والكراهية.


والظهور القوي للشيخ العيسى في خطبة عرفة ليس سوى انتصار للإسلام المتجدد وقيم المحبة والتسامح والانفتاح. ولمعرفة أسباب الحملة الشرسة والتي تبنتها الجماعات الإرهابية فإن أهم تلك الأسباب كان تقويض الجهود العظيمة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لخدمة ضيوف الرحمن وهي جهود لم يسبق لها مثيل في التاريخ.

وحملة التشويه لجهود المملكة بلغت الذروة عندما دعا أولئك المتشددون إلى مقاطعة الحج في عام 2019 ولكن بفضل الله ثم تلك الجهود العظيمة التي تبذلها المملكة فإن عدد الحجيج يتزايد سنويا. ولم يقتصر الأمر على تشويه جهود الحكومة بل تم استغلال هذه الفريضة الدينية العظيمة من أجل أهداف سياسية والترويج لأفكار الإرهاب والتطرف وكل هذه المحاولات وقفت لها الحكومة السعودية بالمرصاد. أيضا من الأسباب لهذه الحملة هو الدور القيادي للشيخ العيسى لحملة تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام وإيضاح حقيقة الإسلام المعتدل الذي لا يتنافى مع التعايش مع الثقافات والديانات الأخرى. وكذلك من الأسباب لهذه الحملة هو دور المملكة العربية السعودية في كشف حقيقة التنظيمات الإرهابية لا سيما تنظيم الإخوان، مما جعل هذه التنظيمات تناصب المملكة العداء. لقد كانت حملة كشف أكاذيب التنظيمات الإرهابية ترتكز بشكل كبير على إيقاف الصراع ونظرية المؤامرة مع الانفتاح على الآخرين وإيجاد القواسم المشتركة للتعايش والسلام. وأخيرا لقد نجحت المملكة في إيصال رسالتها إن الإسلام الحق هو من يؤلف القلوب ويستطيع التسامح مع الجميع من دون استثناء.

لقد ركزت خطبة يوم عرفة على أن الوحدة والإخوة والتعاون وحسن التعامل مع الآخرين تمثل السياج الأمن في حفظ كيان الأمة وتماسكه.

كما ركز الشيخ العيسى في خطبته على تجنب لغة الجهل والسفة المهاترات مع ضرورة التصدي للمفاهيم الخاطئة والخادعة، التي يسعى أولئك الإرهابيون إلى نشرها. لقد نجح الشيخ العيسى من خلال تلك الخطبة في إيضاح سماحة الإسلام وإنه رسالة لتحقيق الخير لكافة البشرية واستدل على جميع أقواله بآيات من القرآن الكريم. وأخيرا لقد نجحت المملكة العربية السعودية في إيضاح أن التطرف الفكري هو السبب الرئيسي للأعمال والمفاهيم الإرهابية وأن الإسلام الحقيقي يسمو بإنسانيته ومبادئه ليحب الخير للجميع.