"نروح المدرسه بدري" .. أعادتني هذه القصيدة الغنائية الرائعة للمبدع علي بن محمد، إلى أيام الطفولة وبداياتي الدراسية عندما كانت نظرتي كطفل- كما لدى سائر الأطفال - قصيرة المدى لا تتعدى الذهاب إلى المدرسة وممارسة الشقاوة اليومية في إيذاء فلان أو عمل مقلب في آخر ومشاغلة المدرس أملا في تعطيل الحصة الدراسية ومعاودة الشغب البريء.
وعندما يخرج المدرس تكون المتعة الحقيقية، خصوصاً حال عدم تعيين معلم الفصل عريفا، فحينها ترى العجب العجاب!.
ما يحدث في الوسط الإعلامي الرياضي شبيه بما كان يحدث عندما كان يتركنا الأستاذ بدون عريف، فالفوضى سائدة والردح _ إن جاز لي التعبير _ السمة القائمة، وأصبحت النظرة قصيرة لا تتعدى أرنبة الأنف لدى بعض الكتاب كما تقول العرب، فلا يوجد نقد موضوعي لأي من المواضيع الكثيرة والمنسية التي تتناثر في رياضتنا السعودية والتي إن طرحت قد تساعد في النهوض.
أصبح الهجوم الشرس من طرف ما والدفاع المستميت من قبل الطرف المقابل في مواضيع أقل ما توصف به أن فيها (تفاهة وسطحية وسذاجة)، ناهيك عن الشتم العلني واستخدام أبشع الألفاظ في الطرح المتدني الذي هبط وتعدى في هبوطه مؤشر سوق الأسهم السعودي هذه الأيام.
لقد وصلنا إلى مرحلة من الإسفاف الفكري تتطلب تدخلاً عاجلاً وإعادة النظر في مساحة الحرية المعطاة للكتاب وللصحافة في بلادنا العزيزة، ألا يجب أن نقدر ذلك ونتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقنا ونبدأ في النظر للمصلحة العامة ونغلب الوطنية على الميول؟
أنا لا أنكر على أحد ميوله والتصريح بذلك فلا ضير في ذلك، ولا ضير أيضا أن يسخر أحد ما قلمه لخدمة ناديه المفضل، لكني أعرف أن الإثارة الإعلامية هي إحدى أدوات الطرح الإعلامي المطلوبة والمحببة لكن دون الإساءة للآخرين والكذب والافتراء وتضليل الرأي العام.
الغريب أن الكثير ممن لهم باع طويل في مجال الإعلام الرياضي غمسوا أقلامهم في هذا المستنقع الموحل، فاختلط الحابل بالنابل ولم نعد نفرق بين مبتدئ ومخضرم وصغير وكبير.
لا أستطيع التعميم هنا لأنه ما زال هناك كتاب يحترمون أنفسهم قبل أن يحترموا قراءهم، يطرحون بين الفينة والأخرى طرحاً موضوعياً يستحق القراءة، لكن القارئ بات يبحث عن هؤلاء كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، أو كأنه يمسك بالريموت كنترول يقلب بين القنوات الفضائية بحثاً عن قناة تستحق المشاهدة بين مئات القنوات الرديئة والهابطة.. فقد يجدها لكن بعد أن يتعب كثيرا.
يا سادة يا كرام، إن المسؤولين عن الرياضة في بلادنا يعملون جاهدين من أجل تطوير الرياضة، وترسيخ الفكر الاحترافي في الوسط الرياضي، فيما لا يزال البعض يفكر ويكتب بنفس أسلوب الكتابة أيام الملاعب الترابية وأيام "طقها وألحقها"!.
أخيرا أعرف جيداً أن ما كتبت أعلاه قد لا يروق للكثيرين وأعلم جيداً بأنني أنفخ في قربة مشقوقة وكما قالوا " لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي".
خير الكلام:
قال تعالى "ولا تطع كل حلاف مهين* هماز مشاء بنميم* مناع للخير معتد أُثيم" صدق الله العظيم.