حاولت الصين أن تفرض نفسها كصاحبة رأي مؤثر على طاولة القرار الدولي من خلال استخدامها حق النقض الفيتو ضد القرار العربي الذي كان يهدف لإيقاف القمع الدامي للتظاهرات المناهضة لنظام الأسد، وفيما كان من الممكن أن تكتفي بكين بالامتناع عن التصويت على القرار بالفيتو الروسي الذي أجهض المشروع، إلا أنها اصرت على كسب عداء العالمين العربي والإسلامي واستخدمت حق النقض.

والآن وبعد أشهر من موقف العضوين الدائمين في مجلس الأمن الدولي روسيا والصين يستمر القتل في سوريا باعتبار أن هذا الفيتو الثنائي دعم نظام الأسد بضوء أخضر وحماية تجعله فوق القانون الدولي، وشاركت في تحويل دماء الشعب السوري إلى سلعة قايضت بها موسكو نظام الأسد لتأخد مصالح استراتيجية تمثلت في فوزها بعقد إنشاء قاعدة لها في طرطوس على البحر الأبيض المتوسط.

لتجد الصين أنها وبعد ذلك الفيتو خسرت حلفاء جددا لها في العالم العربي خاصة السعودية، وخسرت كذلك مشاريع حالية ومستقبلية عملاقة واستراتيجية، وبعكس موسكو التي درست خطواتها اكتشفت بكين أنها مارست الغباء السياسي واندفعت في استخدام حق النقض لتجد أن موسكو هي من تفاوض العالم على بيع الأسد كما باعت قبله صدام حسين وعبدالناصر وغيرهما ممن خدعتهم دعاية الممانعة الكاذبة.

لتتورط بكين خارج حدود التفاوض النفطي أو التجاري أو السياسي كما كانت تحلم، ولتكتشف أنها الخاسر الأكبر في ملف سوريا الذي تتسارع مبادرات معالجته النهائية مع تطور فشل قوى الأمن السوري في السيطرة على مجمل الأراضي بما فيها دمشق، ليثبت للحكومة الصينية أنها لا تزال صغيرة على ممارسة ألعاب الكبار.