تحركات سياسية واقتصادية سريعة قبل شهري يوليو وأغسطس اللذين سيسجلان أعلى درجات حرارة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية وفقاً لخبراء المناخ بارتفاع 1.5 درجة مئوية على الأقل عن متوسط السنوات الماضية. في حين ينتهي النصف الأول من 2022 بشكل يستحق أن يوصف بعبارة (النصف الأكثر إثارة في التاريخ) نظير ما قدمه من تقلبات وتحوّلات غريبة تخللتها حرب في شرق أوروبا مباشرة بعد عودة العالم من أزمة جائحة عالمية أنهكت الاقتصادات، في حين بدأت دول أوروبا تفرض قيوداً وعقوبات على النفط والغاز في طريقة زادت من أزمة دول الاتحاد الأوروبي عوضاً عن الضغط على الاقتصاد الروسي.

خلال هذا النصف الأول من العام، لا أجد بُداً من تذكير القارئ الكريم أن أسعار النفط ارتفعت بنسبة 50% فقط منذ بداية العام، في حين ارتفعت أسعار الغاز إلى %150 وأسعار الديزل الغازولين (وقود السيارات) إلى %100 في معظم الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة.

لقد شكلت هذه التغيرات السريعة في تعقيد الرؤية وزيادة الضبابية على المدى القصير، كما أن دول شرق آسيا والصين لا تزال ترزح تحت وطأة «كوفيد19» الذي أصبح قريناً للمشكلات. وهذا ما ساعد على زيادة معدلات التضخم الاقتصادي في معظم البلدان وزيادة أسعار السلع متبوعاً بكلفة النقل والشحن.


يبدأ النصف الثاني من هذا العام بزيارة للرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة العربية السعودية وبعض دول المنطقة على أمل تمتين العلاقات السعودية الأمريكية التي شهدت لغة غير إيجابية تبناها البيت الأبيض منذ وصول بايدن لسدة الرئاسة. لم تذكر الرياض أن أسواق النفط والطاقة ستكون ضمن أجندة اللقاء، لكن المحللين الغربيين أكدوا أن الرئيس الأمريكي يتطلع لمساعدة الرياض في زيادة الإنتاج لخفض أسعار النفط. وعلى الجانب الآخر تؤكد دول «أوبك و»أوبك+» أنها ملتزمة بحصص السوق وتقديم المعروض مقابل الطلب وفقاً للقدرة التشغيلية المتاحة. غير أن لدى الرياض وأبوظبي إمكانية قد تكون صعبة من الجانب الفني، ولكنها متاحة عند الطوارئ لإنتاج 2.2 مليون برميل إضافي بشكل يومي. وقد يساعد هذا في كسر حدة الأسعار النفطية إلى ما دون 100 دولار للبرميل.

ستكون الفرصة مواتية للرياض لإبراز جهودها في مجال الحياد الكربوني والاقتصاد النظيف. كما ستتاح فرصة عرض شراكتها في قطاع الطاقة مع نظيرها الأمريكي حيث تتبنى الرياض تقنيات متقدمة ستجعلها أسرع دولة في العالم تصل لمستوى %50 طاقة نظيفة مع %50 طاقة تقليدية بحلول 2030 في حين عادت الدول الغربية إلى الوقود النووي كبديل للغاز الروسي والعجز النفطي.

سيتبقى على الأصدقاء الأمريكيين التعاون بشكل شفاف في قضايا إقليمية حساسة، أهمها التعاون مع السعودية في مشروعها الشرق الأوسط الأخضر، والذي تهدف فيه السعودية لجعل الشرق الأوسط منطقة مستقرة سياسياً ومزدهرة اقتصادياً وقوية أمنياً، وهو ما سيصب في مصلحة الغرب بلا شك، وذلك في الوقت الذي تشكل فيه الجماعات الإرهابية والميليشيات الطائفية المدعومة من إيران سلوكاً مزعزعاً لدول المنطقة وعلى رأسها العراق ولبنان وسورية واليمن وهي الدول التي ترى فيها السعودية عمقاً عربياً وإسلامياً استراتيجياً عانت شعوبه من ويلات الجوع والفقر والتخلف.

وهو ما يؤكد على الدوام أن مصالح السعودية السياسية والاقتصادية تقوم أساساً على مصالح الدول العربية والإسلامية ولا تتعارض معها. بخلاف تلك الدول ذات الأيديولوجيات التوسعية والمنطق الطائفي الذي يهدف إلى الاستحواذ على مقدّرات الأوطان العربية بقوة الأيديولوجيا والدمار ضارباً كل القيم الإسلامية والإنسانية عرض الحائط، وأعني بذلك النظام الإيراني بلا شك.

وسيختتم النصف الثاني من عام 2022 باستضافة جمهورية مصر العربية لقمة المناخ COP27 في شرم الشيخ، حيث ستكون مبادرة السعودية للشرق الأوسط الأخضر ومبادرة السعودية الخضراء على أجندة اجتماع الأطراف لتغير المناخ. ليس هذا وحسب، بل من المتوقع أن يبلغ الطلب على النفط في حينه 101.5 مليون برميل يومياً عند المتوسط المناسب لكل الدول 80 دولاراً للبرميل. فهل سيكون الشتاء هذا العام ألطف من سابقه على الأقل في شقه الاقتصادي؟ نعم، أتوقع ذلك.