أغلب الاكتشافات العلمية التي ساهمت بتغيير حياتنا اليوم موجودة منذ القدم، فمثلا مبدأ العالم دانييل برنولي بميكانيكا الموائع قام بنشره في القرن الثامن عشر..! والذي تعتمد عليه أغلب التصاميم التي تتعامل مع الموائع حتى الآن.

لكن الاستفادة من هذه الاكتشافات العلمية وتطوير تصاميمها لتفيد الإنسان بشكل أكثر تأخذ وقتًا، فدائرة أوتو التي تعمل على أساسها جميع محركات الاحتراق الداخلي إلى يومنا هذا، سواء كانت السيارة كورولا أو لامبورجيني فينينو، صُمم على أساس هذه الدائرة أول محرك عام 1861 من قبل نيكولاس أوتو، قبل ان يُستفاد منها بصناعة أول وسيلة نقل إنتاجية من قبل كارل بنز بعدها بـ33 عامًا.

ومع ظهور هذه التقنيات للملأ وبداية الإنسان بالاستفادة منها، يُبحر المجتمع بخياله عما يمكن أن يحدث بالمستقبل من تقدم تقني، وبعض هذه التخيلات كانت صائبة والبعض خاطئة.


فمثلا أحد الفنانين في عام 1930 نشر رسمة تكهنية لما سيبدو عليه الاتصال المرئي في المستقبل، ويتضح خلالها الميكروفون المستوحى من تصميم سماعات الهواتف آنذاك، وبالحديث عن الهواتف يا رفاق، في عام 1956 نشرت صورة في أحد المجلات تتساءل عن تطور تصميم الهاتف في المستقبل.

ويبدو أن هذه المجلة لم تؤمن بما قاله عراب التيار المتردد نيكولا تيسلا، الذي توقع اختراع الجوالات وتطور الاتصالات اللاسلكية في مقابلة أجراها مع مجلة نيويورك تايمز عام 1909.

وفي الأربعينيات قامت إحدى الصحف اليابانية بنشر صور لما ستبدو عليه مدينة طوكيو في عام 2011، حيث تظهر العديد من التوقعات لما سيحدث؛ ولعل أبرزها هي السيارات الطائرة التي لم تر النور حتى الآن، وتكلمنا عن سبب تأخر تطبيق فكرتها في مقال سابق، ولو أمعنا النظر لوجدنا أيضا طائرات بالخلف تقلع أفقيًا، هذه التقنية موجودة حاليًا في مروحيات الهليكوبتر، بل وصلت حتى إلى المقاتلات كالـ(F-35).

وبالصورة الأخرى نرى ما كان يتنبؤوه اليابانيون عما سيكون عليه التعليم بالمستقبل، حيث تظهر المعلمة وهي تشرح للطلاب من خلال المكالمات المرئية عوضًا عن الحضور، وهي الطريقة التي نشهدها في يومنا هذا، لكن لعل الرسام أبحر بخياله الواسع وتنبأ أيضا بوجود روبوتات تجلد الطلاب إذا وقعوا بالخطأ.

وبالحديث عن الإبحار بالخيال الواسع، هناك توقعات كانت غير منطقية أبدا، فأحد الفنانين في بدايات القرن العشرين توقع أن البشر سيستطيعون المشي على البحار بفضل استخدام البالونات بحلول عام 2000! ويبدو أن هذه الفكرة كانت نابعة من بزوغ السفن الهوائية في تلك الحقبة.

وهناك أيضا توقعات كانت موفقة ونعيشها اليوم، فعلى سبيل المثال ما نُشر في الستينيات عن القيادة الذاتية للسيارات، والتي تسعى إليها شركات السيارات جاهدة في زمننا الحالي، ومتوقع أن تنضج التقنية في السنوات القريبة القادمة، وأيضا خدمات توصيل الطعام تصورها فنان في الأربعينيات كما هو الحال اليوم.

الطائرات أيضا أخذت نصيبها من التنبؤات لما سيحدث لها، فبعد انتشارها في منتصف القرن الماضي رسم أحد الفنانين طائرة حاملة جميع وسائل الترفيه الممكنة، الملفت بالرسمة أن الرسام لم يهمل الطاقة التي ستحتاجها هذه الطائرة العملاقة، فقام بتزويدها بـ20 محرك جت.

القرن الماضي شهد العديد من التنبؤات للتطور المتوقع في حياتنا اليوم، منها أصابت ومنها التي لم تُصب، ماذا عنك يا صاحبي، كيف تتوقع تكون حياة الإنسان بعد خمسين عامًا من الآن؟.