على مدى أكثر بقليل من عامين فقط، أعقبت تأسيس هيئة الأدب والنشر والترجمة في فبراير 2020، كمرجع رسمي للترجمة في المملكة، شهدت حركة الترجمة في السعودية نهضة شاملة، حيث أطلقت الهيئة برنامج «ترجم» الذي ترجم من خلاله، وفي دورة واحدة فقط أكثر من 170 كتابًا، و25 كتابًا حاصلًا على جوائز عالمية، و4 كتب لمؤلفين حاصلين على جائزة نوبل، و58 كتابًا لمؤلفين سعوديين ترجمت كتبهم إلى لغات متعدِّدة منها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية، كما ترجمت من خلال البرنامج أكثر من 300 قصة قصيرة بمساهمة أكثر من 50 مترجمًا سعوديًا، وبمشاركة 22 دار نشر سعودية، إضافة إلى ترجمة 42 دورية ثقافية أكاديمية في أكثر من 20 مجالًا.

عودة في التاريخ

بدأت عملية الترجمة في الأدب السعودي من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية في منتصف الأربعينيات الميلادية عن طريق بعض المجلات الثقافية السعودية، وبعض الصحف، وكان ذلك قبل صدور نظام المؤسسات الصحفية الذي أعلن عنه عام 1963. وحسب مكتبة الملك فهد الوطنية، فإن حجم النتاج المترجم في السعودية خلال 42 سنة منذ عام 1966 إلى 2007 وصل إلى 2200 كتاب، أي بمعدل 52 كتابًا سنويًا. كما أوضحت دراسة علمية، أن عدد الكتب المترجمة التي أمكن إحصاؤها وصل 1260 كتابًا مترجمًا خلال 75 عامًا مضت، إلى أن جاء في تقرير الأمم المتحدة عام 2002 أن مجموع الكتب المترجمة في العالم العربي إلى اللغة العربية في جميع التخصصات آنذاك 330 كتابًا، فيما ظلت الدراسات حول نشاط الترجمة والتعريب شحيحة بما يتعلق بالإنتاج الفكري السعودي.


1602 مترجم

بلغ عدد المترجمين في المملكة 1602مترجم وأستاذ لغويات سعوديين وعرب يعملون في الجامعات والمؤسسات والشركات الرسمية والخاصة. ومع رؤية 2030 حظيت الترجمة بعناية كبيرة، وعززت من دورها الوطني، حيث نهضت المملكة بدور بارز في التواصل بين الثقافات والحضارات العالمية من خلال الترجمة والنشر، ولقيت الكتب المترجمة إقبالًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، ما جعل الكتاب المترجم اليوم ظاهرة سعودية بامتياز، فأصبحت قوة المترجم السعودي تتمثل بالدعم الحكومي والتوجه المؤسسي للترجمة في القطاعين الحكومي والأهلي، وأصبحت دور النشر السعودية تستعين بالشباب السعودي لترجمة روائع الأدب العالمي والكتب الفلسفية.

زيادة النشاط

أكّد باحث الدكتوراه في الترجمة والأدب ومؤسس منصة أثرى رشاد حسن أن «الترجمة قفزت اليوم قفزة كبيرة جدًا في ميدان العلوم، وزادت العناية بها مع إطلاق الرؤية، والجهود المبذولة التي نشهدها اليوم من وزارة الثقافة وهيئة الأدب والنشر والترجمة، فلا تكاد تجد مترجمًا أو مشتغلًا بالترجمة إلا وعنده الحماسة ليترجم كتابًا». وأضاف «حتى النظرة المجتمعية القاصرة تجاه دور المترجم لم تعد موجودة اليوم والعناية بالمترجمين تتفاوت من زمن إلى آخر، لكن العناية اليوم بالترجمة كبيرة ولا غبار عليها، والمجتمع متفطّن لهذه العناية».

مساندة المترجمين

بين رشاد حسن، أن هيئة الأدب والنشر والترجمة ومبادراتها مكّنت كثيرًا من المترجمين والأدباء والناشرين، وهم بدورهم يحرصون على الأثر النوعي الذي يزداد ويتأصل. وعن تأهيل المترجمين وإعدادهم وطرق تدريس الترجمة في الأقسام المعنية في الجامعات السعودية، قال «النظرية غلبت التطبيق والممارسة، وأظننا بحاجة إلى الممارسة أكثر من النظرية، خاصّة أن الممارسة ستبيّن كثيرًا من جوانب التنظير في علم الترجمة».

دور معارض الكتب

شدد رشاد حسن كذلك على أهمية معارض الكتب في حركة الترجمة والنشر، مؤكدًا أنها ملتقى للمترجم والناشر والمؤلف، وهي حلقة وصل يظهر بعدها النتاج المترجَم بغزارة. وعن مشكلة تكلفة الترجمة عند المتخصصين، والتي جعلت دور النشر غير قادرة على تمويل الترجمات المميزة، وهو ما دفع إلى الاتجاه للشباب مما أثر سلبًا على جودة الكتب المترجمة، ووضح «نحن اليوم بحاجة إلى كفاءة المترجمين وتجهيزهم، ومن بين الشباب مترجمون كثر لو أتيحت لهم الفرصة لفاقوا كثيرًا ممن عرفناهم بتراجمهم، ودور النشر مختلفة ومتفاوتة في سياساتها، فبعضهم يحرص على نشر التراجم أكثر من حرصه على الترجمة، وبعضهم يجري مع العرف العام عن مترجم اشتُهر بجودة تراجمه ويحرص أن ينشر له ترجمة، وبعضهم ينشغل بالتأليف والترجمة معًا، وقلما تجد دارًا متخصصة في الترجمة من الناحية العلمية والعملية».

مسارات متوازية

أشار رشاد حسن إلى أن لدى دار أثرى مسارين، مسار للنشر الإلكتروني على موقع أثرى الرسمي، ونشر ورقي وهو مشروع أثرى لترجمة الكتب، ومشاريع ترجمة الكتب هي ركيزة الدار، والهدف من هذين المسارين، صناعة المترجمين، وقال «جهّزنا للنشر على موقعنا الرسمي أكثر من 250 مترجمًا ونجهّز الآن منهم 100 مترجم يترجمون الكتب في مختلف المجالات والحقول». وتابع «تم مؤخرًا افتتاح متجر للكتب في الموقع الإلكتروني للمنصة يختص بكتب أثرى المترجمة، ونشرنا عليه كتب النسخة الأولى من مشروع أثرى لترجمة الكتب، وسيتبع ذلك النسخ الأخرى».

حصاد مبادرات هيئة الأدب والنشر والترجمة

170 كتابا مترجما

25 كتابًا حاصلًا على جوائز عالمية

4 كتب لمؤلفين حاصلين على جائزة نوبل

58 كتابًا لمؤلفين سعوديين ترجمت كتبهم إلى لغات متعدِّدة

300 قصة قصيرة مترجمة

50 مترجمًا سعوديًا أسهموا في الترجمة

22 دار نشر سعودية أسهمت في نشر الأعمال المترجمة

42 دورية قافية أكاديمية في أكثر من 20 مجالًا