ومن المعروف أن اللون الأبيض كان مفضلاً وبالأخص في الصلاة، واللون الأصفر للغضب والحرب وهكذا، ولا شك أن المناطق الجغرافية المختلفة والفصول المتتالية كان لها الأثر الكبير في اختيار لون العمامة.
وتشير المصادر إلى أن النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته لم يكن لهم لون محدد للعمامة اتخذوه شعاراً لهم، فيذكر في شأن العمامة التي اعتمرها في تزويج أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، اعتمر بعمامة سوداء، وعند الزفاف كان معتما بعمامة حمراء، وعرف من عمائمه «السحاب» بيضاء. شعار الأسود والأخضر يفصل التاروتي الفرق بين ألوان العمامة لدى الشيعة في قوله: «اتخذوا اللون الأسود للعمامة شعاراً لهم حداداً على آل محمد (ص) وشهداء كربلاء وزيد بن علي بن الحسين ويحيى بن زيد، ثم إنه أصبح شعاراً لهم بحسب «تاريخ اليعقوبي».
ويضيف «يُذكر أيضاً أن المأمون العباسي (170-218 للهجرة) لم يتخذ اللون الأسود شعاراً كما كان عليه آباؤه، وغيّره إلى اللون الأخضر، فاجتمع العباسيون وعملوا على إعادة اللون الأسود بدل اللون الأخضر الذي اختص بالعلويين.
واللونان الأسود والأخضر بالذات أصبحا علامة فارقة بين الهاشميين وغيرهم، واتخذوه كشعار توسم في العمامة ومقابل ذلك أصبح اللون الأبيض أو غير الأسود والأخضر علامة لغير الهاشميين، وما العمة السوداء أو الخضراء إلا من فعل السلطات التي حكمت من السلالتين العباسية والعلوية، وقد وصلتا إلى عصورنا هذه.
وجاء في المصادر أن السيد ابن طاوس علي بن موسى الحسني (589 - 664 للهجرة)، عندما تولى نقابة الطالبيين سنة 661 للهجرة في بغداد جلس في مرتبة خضراء، وفي ذلك يقول علي ابن حمزة العلوي.
فهذا علي نجل موسى بن جعفر، شبيه علي نجل موسى بن جعفر، فذاك بدست للإمامة أخضر، وهذا بدست للنقابة أخضر.
ويقول علماء التاريخ الإسلامى إن اللون الأخضر جاء من السلطان شعبان بن حسن بن الناصر محمد بن قلاوون، حيث أحدث هذه العلامة سنة 773 للهجرة لتمييز عمائم الأشراف عن غيرها.
وقد استقر الأمر منذ قرون بأن اللون الأسود للعمامة التي يعتمرها طالب العلم السيد من نسل علي بن أبي طالب، وفاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وآله- وإلى هذا يذهب علي الوردي في كتابه: لمحات من تاريخ العراق الحديث بأن: الشريف الرضي 403 للهجرة هو أول من اتخذ اللون الأسود للعمامة، وذلك عند توليه نقابة الطالبيين على زي العباسيين.
مؤكدين أن مستوى البحث والدرس والتحصيل ليس له امتياز أو ربط بين طالب يعتمر بعمامة سوداء، وآخر بيضاء، إذ المناط هنا متوقف على الجهد والمثابرة للتحصيل من قبل الطالب، وهذا الربط يقع فيه كثير ممن يكتب عن الحالة الشيعية، فيظن أن من يعتمر بعمامة سوداء هو بالضرورة يحصل على مكسب علمي غير متحصل لمن يعتمر بعمامة بيضاء، أما اللون الأبيض فيعتمرها غير السيد من طلبة العلم، أي من بقية أفراد المجتمع.
وقد بقيت العمامة في الحوزات العلمية على ما هي عليه طيلة قرون عديدة، من حيث الشكل والمضمون والوظيفة والتخصيص السابق الذكر سوى من تغيير طفيف طرأ على حجمها، وذلك في عصر المرجع الديني السيد أبو الحسن الأصفهاني ( 1284 - 1365 للهجرة)، حيث أصبحت عمائم المعممين صغيرة بدلاً من العمائم الكبيرة التي كانت شائعة قبل عصره. الطربوش والغترة في بداية القرن العشرين مع سقوط الخلافة العثمانية ووقوع عدد من الدول الإسلامية تحت براثن الاستعمار الأجنبي المباشر، وقع خلاف بين «العمامة» و»الطربوش»، حيث حافظ العُلماء على اللباس الذي ارتبط بشريحتهم فترة طويلة من الزمان، فيما عمد المثقفون من غير المتدينين إلى الملابس الرسمية المستوردة بتغيير العمامة إلى الطربوش.
ويشير إلى ذلك شحادة في قوله: «وخلاصة القول؛ فإن العمائم والجبة والطربوش والغترة أصبحت من الموروث الثقافي والاجتماعي والديني، وقد تميز بها العلماء والوجهاء عبر أجيال طويلة، وما زالت حاضرة في عدد من الدول، وربما تصل إلى درجة الشرط في الوظائف الرسمية، كوظيفة القضاة الشرعيين والمفتين والعُلماء والدعاة في بعض البلدان».