أثار مقطع نقاش حاد بين فتاة (في أحد أسواق مدينة الرياض كما نشر في الإنترنت بكثير من المواقع) وبعض أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكثيرين، فمن تابع حوار الفتاة المتشنج يشعر أن لديها خلفيات سابقة من أجيال من النساء كن يتعرضن لمواقف مع الهيئة من وجهة نظر واحدة، فكان الحوار من طرف واحد حتى كبرت الفتاة (وكثير غيرها) وفي وجدانها وقناعاتها ذلك الموقف الذي سمعت به منذ كانت صغيرة، فاستعدت نفسيا لأي موقف أو لمعركة قادمة، ولم تعد فتاة اليوم هي فتاة الأمس الخجولة الخائفة التي كانت حتى لو أنها على حق تصمت لأن المجتمع وعائلتها سوف يحملونها المسؤولية، وإن كانت بريئة، فالحل أمامها هو الصمت. وأغلب النساء مررن بمواقف من بعض رجال الهيئة في الأماكن العامة جعلتهن في حالة مرضية، وأصبح هلع الهيئة مرضا نفسيا يحتاج إلى دراسة لهذه الحالات، فلا يجب أن نتوقف عند أن فتاة قاومت بطريقتها، أو كما وصفها البعض، تطاولت على رجال الهيئة، فهذا الأمر يتطلب دراسات اجتماعية أو نفسية للمجتمع عامة، وقد وثقت الفتاة الموقف على اليوتيوب أو تويتر ونشرته.

قد يتعرض رجال الهيئة لحالات مماثلة أو أكثر توترا، وعلى إدارة الهيئة أن تتعامل بشكل مختلف في حالة النصح، فالجيل اختلف والزمن اختلف، والمشاهد للحدث يجد الحرج الذي كان عليه أحد أعضاء الهيئة حين أشار أحدهم للمناكير بأصابعها، وكان الرد منها قويا.

المطلوب الحوار لا الشجار، والسؤال الأهم: من يملك صلاحيات طرد رجل أو سيدة أو فتاة من مكان عام كالسوق؟

إن الموقف كله يتلخص في خطأ عدم تحديد الصلاحيات، لأن هذه المواقف سوف تتكرر بأشكال مختلفة، والمؤشرات كلها تدل على ذلك، لكن الحكمة في المعالجة، فلماذا لا توضع دراسة لكيفية الخروج من مأزق كهذا قد يُذهِب هيبة الهيئة، فهناك جيل كامل من الفتيات جاهز في أي لحظة لردود أفعال انفعالية بسبب تراكمات اجتماعية كونت لديهن الاستعداد للمواجهة بعنف، والحل هو التعقل في التعامل. وسبق أن ذكرت هنا أني شاهدت شرطة مكافحة الشغب برفقة رجال الهيئة بسبب مقاومة بعض النساء، وكأن الجميع جاهز للمعارك والمواجهات. الوضع صعب ما لم يحسم الموقف بتحديد المحظورات.