ومن هنا فإننا يجب أن ندرك، أن الصراعات في العالم هي أمر طبيعي، وأن اشتداد الصراعات لا يعني خراب العالم، ومن هذا المفهوم يجب أن ننطلق إلى أن الخراب بحد ذاته نسبي في فهم البشر.
ولهذا فإن وصية نبينا صلى الله عليه وسلم لنا أن نواصل العمل دون توقف حتى لو رأينا أن القيامة تقوم، هي وصية إدارية لم يسبقه إليها أحد من قبل، ولم يأتِ بمثلها أحد من بعده، وهذا كافٍ ليعلمنا نحن المسلمين أن العمل والجد والاجتهاد يجب أن يتواصل دون توقف، وألا تثنينا أية أحداث عن مواصلة العمل والابتكار والنجاح، لأن نتائج صراعات العالم ببساطة قد تكون توقفًا لتلك الصراعات، فيندم كل متهاون في عمله أنه لم يواصل نجاحاته التي كان يبذل الجهد الكبير للوصول إليها.
وللانطلاق إلى حيث يكون الفعل على الأرض، كان لا بد لنا أن نرصد هذا الجانب النفسي المهم الذي تقدم الحديث عنه، ومن ثم ننطلق من تلك القناعة إلى خطوة فهم حاجات العالم في وقت الأزمات، وما الذي قد يفقده العالم، وما هي الحاجات التي قد تتعاظم من حيث الطلب عليها في وقت الأزمات، ومن الذين يقدمونها اليوم، وما هي درجة المنافسة فيها، وما هي احتمالات النجاح والفشل إذا ما قررنا أننا سنقوم بتقديمها ونخوض هذه المنافسة، وما هي احتمالات كون تلك الخدمات ستظل مستمرة في مناطق جغرافية معينة في العالم، واحتمالية انقطاعها في مناطق أخرى، ليقتنص تلك الفرصة أحد المنافسين عليها.
كل تلك الأسئلة مهمة، وتتبعها أسئلة يجب أن نطرحها خاصةً تلك التي تتعلق بأخلاقية تلك الخدمة التي قد يحتاجها العالم في وقت الأزمات، فالعمل التجاري غير المقترن بالأخلاقيات والمسؤولية الاجتماعية هو عمل يفقد عنصره الأخلاقي المهم والمحفّز للعاملين فيه من جهة، ولمن سيستخدمونه من جهةٍ أخرى، وهو في ذات الوقت عمل سيكون ضعيفًا في إطار المنافسة.
فالمسؤولية الاجتماعية في أي عمل يتم تطويره في وقت الأزمات هي حجر زاوية مهم جدًا ليكون العمل مرضيًا لضمائرنا ونحن نقدمه للجمهور، قبل أن يكون مرضيًا لجيبونا.
فمن أراد إذًا أن يقتنص فرص الأعمال في الأزمات عليه أن يدرك أن الاقتناص هنا لا يعني الاستغلال، وإنما يعني اقتناص الفرصة لخدمة الناس ومساعدتهم بالدرجة الأولى.