ويركز كثير من المختصين الشرعيين على أن مسألة حق الزوجة في الحصول على سكن مستقل من عدمه بعد العقد الذي لم يشترط فيه ذلك المسكن عند إبرامه، يحكمها العرف، وهو ما يوضحه الباحث الشرعي محمد الأحمدي الذي يقول إن من حق الزوجة المطالبة ببيت مستقل قبل الزواج أي أثناء عقد النكاح، حيث لها اشتراط أن تسكن وحدها وألا تقيم مع أهل الزوج، وعلى الزوج الالتزام بالشرط وتنفيذه، أما إن لم تشترطه وكانت عادة الناس في البلد سكن الزوجة مع أهل الزوج، فهنا لا يحق لها المطالبة بما يخالف ذلك العرف طالما لم تشترطه ابتداء، أما إن كانت الزوجة في بلد جرى فيه العرف على أن تسكن الزوجة ببيت مستقل فهنا يجب على الزوج توفير سكن مستقل لها اتباعا لذلك العرف، فالقاعدة الشرعية تؤكد أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا، ولكن في حال إذا كان عرف المجتمع على ذلك ولا يوجد شرط فهنا يحق للزوجة أن تطالب ببيت مستقل لها، كذلك في حالة إذا كانت الزوجة تتعرض لمضايقات من قبل أهل الزوج، فيحق لها أن يكون لها بيت مستقل. طلبات مرفوضة تقول أم سارة «تزوجت منذ عامين وأنجبت طفلة وما زلت أسكن مع أهل زوجي، ولكني أتعرض دائما للانتقاد من أخواته مما يشعرني بالغضب ويثير المشاكل بيني وبين زوجي، وبعد مطالبته أن يوفر لي سكنا مستقلا رفض ذلك بحجة أنه لا يستطيع أن يبتعد عن أهله، وأنني قبلت بذلك منذ البداية».
من جهتها، أشارت فاطمة أحمد إلى أن سبب طلاقها من زوجها هو مطالبتها ببيت مستقل، وتقول «كنت الزوجة الثانية، ولم أشترط أن أكون ببيت مستقل عن زوجته الأولى وأطفالها منذ البداية، وتعرضت لكثير من المشاكل والإهانات من قبلها، ورجعت إلى بيت أهلي وبقيت شهرين، واشترطت ألا أعود له إلا ببيت مستقل، ولكنه رفض ذلك، وفي النهاية أرسل لي صك طلاقي». المضايقات والإهانة من جهته، أكد المحامي عاصم الملا أن طلب الزوجة لسكن مستقل بعد الزواج من الناحية القانونية يترتب على عدة أمور، أولها ما إن كانت الزوجة تتعرض إلى مضايقات أو إهانات من قبل أهل الزوج أو من قبل زوجاته، فهنا يحق لها المطالبة بالسكن المستقل، وكذلك إن كانت الزوجة اشترطت في عقد النكاح السكن المستقل فهنا يتوجب على الزوج تحقيق هذا الشرط لأنه يعد حقا من حقوقها المشروطة في عقد النكاح.
وأشار إلى أنه في حال لم تكن الزوجة قد طالبت بذلك، ولم تكن لها حجة سوى مجرد رغبتها في الخروج ببيت مستقل عن أسرة الزوج أو زوجاته الأخريات، فهنا لا يحق لها ذلك». حالات خاصة تزداد حالة طلب الزوجة لمسكن مستقل تعقيدا في حال كون الزوج فقيرا أو عاجزا عن تأمين مسكن مستقل، وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه «إذا كان الزوج فقيرًا وعاجزا عن إيجاد سكن مستقل لزوجته، فليس لها أن تطالبه بما يعجز عنه، بل تصبر عليه حتى يغنيه الله».
وبين أن «الحاصل أن السكن المستقل حق للزوجة، ولو لم تشترطه في العقد، ولها أن تطالب به الآن، ولا تعد ناشزا بذلك، وما يشيع عند بعض الناس من أن ذلك يعني التفريق بين الإخوة، كلام لا يعول عليه، لأن هذا حق شرعي للزوجة، وفيه مصلحة للزوجين أيضًا».
ويرى باحثون اجتماعيون أن هناك إيجابيات عدة لسكن الزوجة مع أهل الزوج وعدم المطالبة ببيت مستقل حيث يعود ذلك على الزوج بتوفير النفقات، فبدلًا من إنفاق أموال لتوفير وتجهيز منزل خاص ومستقل للزوجة، مما يضطر كثيرا من الأزواج إلى تحمل الدين لشراء احتياجات المنزل المستقل، فوجودها مع أهل الزوج توفير لهما، كذلك إذا كان أهل الزوج يتميزون بحسن العشرة ويقدرون زوجة الابن فهنا لا يقبلون عليها الإهانة أو الضرب ولن يستطيع أحد من الزوجين رفع صوته أو التطاول على الآخر احتراما لبيت أهل الزوج وأسرته.
ومن الإيجابيات أيضا مشاركة أهل الزوج في تربية أبنائه وتحمل مسؤوليتهم أثناء انشغال الزوجين إلى جانب اعتياد الأبناء على الجد والجدة وتقدير قيمتهما وتعلم احترام الكبار حينما يرون الأب والأم يطبقان ذلك عمليا أمامهم، ناهيك عن توفير الإحساس بالأمان وعدم قلق الزوجة من التواجد بمفردها في حين وقوع مشكلة أو أزمة أو حادث ما أو مرض أحد الأبناء في غياب الزوج. رأي الفقه يرى الفقهاء أن حصول الزوجة على سكن مستقل لها هو مقتضى العدل والشرع، وهو حق من حقوقها كما يوجبه النظر الصحيح، وهو يأتي من باب المُعاشرة بالمعروف، وقد نص الفقهاء على أن من حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها سكنا مستقلا، ولا يلزِمها أن تسكن مع أهله، وخاصة إذا ترتب على سكناها معهم أي ضررٍ يلحق بِها.
وبينوا أن كل امرأة ترغب في الاستقلال بسكن مستقل، تتمكن فيه من حسن التبعل لزوجها، فتتزين له متى شاءت، وتستريح إذا أرادت، ولا يتدخل أحدٌ في طريقة تربية أبنائها، إلى غير ذلك مِن المقاصِد الصحيحة مما هو معلومٌ، ولا ريب أنَّ وجود أحد من أهل الزوج بصورة دائمة معها يُقيد حريتها، ويمنعها من التصرف بحرية. متى يحق للزوجة الحصول على مسكن خاص في حال اشترطت ذلك في عقد الزواج في حال كان العرف السائد أن تسكن كل زوجة بمسكن خاص في حال تعرضها للمضايقة أو الإهانات في المسكن المشترك إيجابيات يراها البعض للسكن المشترك مع الأهل توفير النفقات وجود الأهل طيبي المعشر ضمانة عدم خطأ أي من الزوجين على الآخر مشاركة الأهل في تربية الأبناء وتحمل مسؤوليتهم أثناء انشغال الزوجين الاعتياد على تقدير الجد والجدة عبر مراقبة الأبوين توفير الإحساس بالأمان وعدم قلق الزوجة من التواجد بمفردها عند وقوع مشكلة للزوج.