عمت القاهرة وسائر المدن المصرية حالة من الهدوء الحذر بعد ليلة دامية قضاها المصريون أمام شاشات الفضائيات لمتابعة واحدة من أسوأ الأزمات التي تلت ثورة يناير، بعد حدوث اشتباكات بين متظاهرين أقباط وقوات من الشرطة العسكرية والأمن المركزي، ما أوقع عشرات القتلى ومئات المصابين من الجانبين. ووجَّه المجلس العسكري الأعلى الحكومة بسرعة تشكيل لجنة تقصي للوقوف على حقيقة الأحداث ومعرفة ما تم اتخاذه من إجراءات قانونية رادعة بحق كل من يثبت تورطه في تلك الأحداث بالاشتراك أو التحريض. وجاء في بيان المجلس الأعلى "تابع شعب مصر بقلق شديد الأحداث المؤسفة التي حولت التظاهرات السلمية إلى مواجهات دموية أدت إلى وقوع ضحايا ومصابين من أبناء هذا الشعب"، ودعا المجلس إلى عدم التجاوب مع محاولات الوقيعة بين الجيش والشعب المصري، مؤكداً "استمراره في تحمل المسؤولية الوطنية والحفاظ على مقدرات الشعب ومكتسباته بعد ثورة 25 يناير، وتنفيذ خارطة الطريق التي التزم بها حتى نقل المسؤولية إلى سلطة مدنية منتخبة".
وبدوره دعا رئيس الوزراء عصام شرف المصريين إلى التماسك، وعدم الانسياق وراء دعاوى بث الفرقة، ومؤامرات النيل من استقرار الوطن، وقال "مصر في خطر".
وتعليقاً على الأحداث أصدر المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذوكسية برئاسة البابا شنودة الثالث أمس بياناً أعرب فيه "عن أن الكنيسة روعت لما حدث أمام مبنى ماسبيرو"، وقال بيان الكنيسة بعد اجتماع البابا و70 أسقفا "الإيمان المسيحي يرفض العنف" وألمح إلى أن دخلاء اندسوا على المسيرة وارتكبوا هذه الجرائم التي ألصقت بالأقباط، مشيراً إلي أن الأقباط لهم مشاكل تتكرر دون محاسبة المعتدين ودون إعمال القانون أو وضع حلول جذرية لتلك المشاكل. وطلب بيان المجمع من الأقباط صوم ثلاثة أيام اعتباراً من الغد "لكي يحل السلام في مصر".
إلى ذلك قال وزير العدل المستشار محمد الجندي إن النيابة العسكرية ستتولى التحقيق في أحداث ماسبيرو، ولفت إلى أن قرار رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي بعدم إحالة المدنيين إلى محاكم عسكرية، لن يسري على تلك الأحداث، وذلك لاستخدام المتورطين فيها الأسلحة النارية ضد أفراد القوات المسلحة والمدنيين العزل.
ونفى المرشح المحتمل للرئاسة محمد سليم العوا أن يكون الأقباط قد بادروا بإطلاق النار على الجنود، وقال إن لديه تسجيلاً مصوراً للأحداث يقطع بأن عناصر مسلحة بأسلحة نارية وبيضاء أتت من الشوارع المحيطة بالمكان واعتدت على رجال الجيش والمتظاهرين في وقت واحد، الأمر الذي دفع بالأحداث إلى المسار المؤسف الذي سارت فيه".
وفيما هدد الناشط القبطي ممدوح رمزي "بتدويل القضية"، تظاهر آلاف الأقباط أمام المستشفى القبطي بشارع رمسيس أمس. وقام المتظاهرون بترديد هتافات معادية للمجلس العسكري قبيل نقل جثامين القتلى من المستشفى إلى الكنيسة لإقامة القداس على أرواحهم.
في سياق آخر نفت السفارة الأميركية بالقاهرة التقارير الصحفية التي ذكرت أن الولايات المتحدة تقدمت بعروض لإرسال قوات لحماية دور العبادة القبطية في مصر، مطالبة جميع الأطراف الالتزام بالهدوء، وأعربت في بيان لها "عن قلقها العميق من أحداث العنف".