"ماهلاجا جابري" عارضة الأزياء الإيرانية الشهيرة عالمياً باسم "راهي جابر" تخلت عن (كل شيء) لتفوز مؤخراً بلقب أجمل امرأة في العالم. "راهي"، المولودة في محافظة أصفهان بالقرب من مفاعل "نطنز" الإيراني، تجوب بلاد الدنيا الواسعة لتؤكد لشعوب العالم أجمع بأنها كانت (لا شيء) قبل أيام من اكتشاف جمالها الخلاب.
"يوكيا أمانو" مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكد أيضاً يوم الثلاثاء الفائت، عشية المحادثات بين طهران والدول العظمى في بغداد، أن: "تسوية الخلافات مع إيران حول ملفها النووي في "نطنز" أصبحت قريبة جداً و(لا شيء) يهدد إزالة الشكوك حول طبيعته العدوانية". وأضاف "أمانو": "في هذه المرحلة يمكنني القول إن (كل شيء) يسير طبيعياً وإن الاتفاق سيوقع قريباً، لكن لا يمكنني أن أحدد متى"!
تزامنت هذه التصريحات مع الطرح الإسرائيلي بأن الاتفاق المرتقب بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران لحل النزاع القائم حول برنامجها النووي لا يعني أن (كل شيء) سيكون على ما يرام، لأن إسرائيل تشك في النوايا الإيرانية و(لا شيء) يمنع طهران من تطوير سلاحها النووي في مفاعل "نطنز"، خاصة أن إيران تتمتع بتاريخ عريق في خرق (كل شيء) يمت للاتفاقات الدولية.
الوسيلة الوحيدة لمنع إيران من امتلاك القنبلة الذرية هو قيام مجموعة 5+1، التي تمثل بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا وأميركا وألمانيا، بتوقيف طهران عن (كل شيء) له صلة بتخصيب اليورانيوم وتفكيك منشآتها النووية تحت الأرض في "نطنز" لتصبح (لا شيء) يمت للقنبلة الذرية.
تقع مدينة "نطنز" في محافظة أصفهان وسط إيران وتبعد حوالي 70 كم جنوب شرق مدينة "كاشان" وتطل على سلسلة جبال "كركس" ويبلغ عدد سكانها 42 ألف نسمة وذاع صيتها بعد إنشاء مفاعل "نطنز" النووي في محيطها.
في 9 فبراير 2003م تم الكشف عن برامج إيران لبناء مشاريع متقدمة في (نطنز) وعدد من المدن الإيرانية الأخرى لإنتاج اليورانيوم المُخَصَّب. منذ ذلك التاريخ قام خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة إيران عدة مرات، حيث تم إصدار التقرير الأول للوكالة في 15 يوليو، وتبعه في 12 سبتمبر من العام نفسه تسليم الوكالة إنذاراً نهائياً لإيران للكشف عن تفاصيل نشاطها النووي ومنحها مهلة لتنفيذ ذلك حتى نهاية أكتوبر 2003م.
تقارير الوكالة الدولية فاجأت كلا من أميركا وأوروبا، علماً بأن التاريخ يؤكد أن أميركا وحلفاءها كانوا وراء ولادة البرنامج النووي الإيراني، ففي 22 يونيو 1967 تم الاتفاق بين أميركا وإيران على تأسيس مركز البحوث النووية في جامعة طهران، ليحتوي على مفاعل نووي بقدرة 5 ميجاوات وقادر على إنتاج 600 غرام من البلوتونيوم سنوياً. وفي 17 أغسطس 1972م منحت إيران عقداً لإتحاد شركة "كرافت فيرك"، وهي إحدى شركات "سيمنز" الألمانية، لإنشاء مفاعلين بقدرة 1,200 ميجاوات في مدينة "بوشهر". وفي 16 سبتمبر 1975م قام معهد "إم آي تي" الأميركي بتوقيع عقد مع المركز لتدريب أول كادر من المهندسين الإيرانيين في أصفهان.
في عام 1985م اكتشفت إيران اليورانيوم الخام في منجم "ساجند"، وبدأ العمل فيه مع بداية عام 2006م لاستخراج 120 طناً من اليورانيوم سنوياً وتنقيته في مصنع "أردكان" ليصبح خاماً مركزاً يعرف باسم (الكعكة الصفراء). بعد ذلك قامت إيران بإنشاء مفاعل "نطنز" وضاعفت أعداد أجهزة الطرد المركزي لاستخدامها في زيادة نسبة نظائر اليورانيوم 235 ورفع تركيزه إلى 3%.
معدن اليورانيوم يعتبر من الفلزات الموجودة في الطبيعة ويرافق المعادن الأخرى، حيث تتراوح كمياته في الطبيعة ما بين 70 جزءا من المليون إلى 1500 جزء من المليون. ويوجد لمعدن اليورانيوم نظيران: الأول يحتوي على 238 ذرة بنسبة 99,3% والثاني يحتوي على 235 ذرة بنسبة 0,7%. فإذا زادت نسبة النظير 238 عن 99,3% أصبح يسمى باليورانيوم (المُنَضَّب) وإذا زادت نسبة النظير 235 عن 0,7% أصبح يسمى باليورانيوم (المُخَصَّب).
لإنتاج القنبلة الذرية يجب أن تصل نسبة تخصيب اليورانيوم 235 إلى ما فوق 90%. لذا بدأت إيران في بناء مفاعل "أراك" لأبحاث الماء الثقيل الذي يدخل في تخصيب اليورانيوم وصنع الأسلحة النووية. كما أنشأت إيران مركز "أناراك" كموقع لتخزين المخلفات النووية.
قبل 6 أشهر أصيبت أجهزة الحاسبات الإلكترونية في مفاعل "بوشهر" النووي الإيراني بعطل جراء اعتداء فيروس "استوكسنت" عليها، مما دفع السلطات الإيرانية إلى التركيز على كيفية التصدي للفيروسات الناتجة عن الحروب الإلكترونية المقامة ضد مفاعلاتها، لاسيما بعد اكتشاف طهران في 16 نوفمبر الماضي وجود عطل في تروية 6000 جهاز من آلات الطرد المركزي المنتجة لليورانيوم في مفاعل "نطنز".
خلال أسابيع معدودة عاد المفاعل للعمل في تخصيب اليورانيوم وزادت طاقة أجهزة الطرد المركزي الجديدة المصنعة محلياً إلى3 أضعاف مقارنة بالأجهزة السابقة المعطوبة، لترتفع طاقة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 3,5%.
إلا أن هذا التقدم الطفيف كان (لا شيء) بالنسبة لنوايا إيران ولم يُقنِع خبراء الوكالة الدولية، الذين اكتشفوا في نهاية الأسبوع الماضي أن قدرة مفاعل "نطنز" على التخصيب وصلت إلى 20%، وهي النسبة التي تؤكد سعي طهران للحصول على (كل شيء) في سباقها النووي المحموم، تماماً كما سعت عارضة أزيائها "راهي جابر" في التخلي عن (كل شيء) للفوز بلقب أجمل امرأة في العالم.