إذا كانت المطبات الاصطناعية التي تزرع في شوارع المدن على علاتها ومخالفتها للمواصفات القياسية يمكن التغاضي عنها، فإن انتشارها وبكثرة في الطرق الرئيسة لمنطقة جازان، وعلى الأخص في الفترة الأخيرة، وتحولها إلى مصائد للسيارات العابرة، خصوصا أنها تنبت فجأة في طريق العابرين، فتسبب لسياراتهم الدمار، أثار كثيرا من الشكاوى والتذمر.

ويعاني أهالي محافظات منطقة جازان من سوء وتقادم وضيق عدد من الطرق الرئيسة الرابطة بين المحافظات، وعدم قدرتها على استيعاب النمو الذي تعيشه المنطقة، إضافة إلى تعثر عدد من مشاريع الطرق بها، وجاء ازدياد إنشاء المطبات العشوائية المخالفة للمواصفات القياسية واشتراطات السلامة المرورية على تلك الطرق ليزيد الأمر سوءا.

وإذا كان اللجوء إلى تلك المطبات قد جاء لتكون من حلول تخفيف السرعة التي اضطرت إليها الجهات المختصة، فإن تنفيذها افتقد في الأصل إلى التخطيط السليم، كما لم يراع وجود المخارج الجانبية الآمنة على جنباتها، ما جعل منها مسببات إضافية لعدد من الحوادث المرورية التي أزهقت الأرواح ودمرت الممتلكات، وسط مطالبات الأهالي بضرورة التدخل السريع لإزالتها.


وتحولت تلك المطبات إلى مادة للتندر والتفكه لدى عدد من أهالي جازان في حواراتهم ونقاشاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ذكر أحمد عجيمي أنه باستطاعة قائدي المركبات مشاهدة البحر عند عبورهم لتلك المطبات، بينما رأى سعيد البناء ومحمد علي أن مطبات المنطقة أضحت برأيهما تتجاوز الـ6 ملايين مطب في عددها، مطالبين على سبيل التندر بدخول المنطقة إلى موسوعة جينس في الأكثر من ناحية إنشاء المطبات، كما أوضح أبو يوسف أنها أضحت السمة المميزة التي يتعرف عبرها الزائرون على المنطقة.

أمر مخالف

أقر علي حكمي وأحمد مدخلي من أهالي جازان بأن وجود المطبات الاصطناعية داخل الأحياء السكنية أمر شائع ونابع من أهمية وضرورة وجود وسائل إجبارية لتخفيف السرعة داخل المناطق السكنية والعمرانية، لكنهما استغربا أن يتفاجأ السائق بمطب اصطناعي مخالف للمواصفات القياسية ودون وجود لوحات إرشاد أو تنبيه على طريق رئيس، واتفقا على أن هذا يعد أمرا مخالفا لأن هذه الطرق طرق سريعة في الأصل، لها مواصفات هندسية متعارف عليها، ولا ينبغي إنشاء المطبات عليها، بل يفترض تزويدها بالمخارج الآمنة وطرق الخدمة المختلفة ووسائل الأمن والسلامة.

عشوائية خطيرة

أوضح سلمان المالكي وناصر عبدالفتاح لـ«الوطن» أن منطقة جازان تعاني من عشوائية خطيرة وغياب للرقابة على طرقها السريعة الرابطة بين مختلف المحافظات، الأمر الذي يتسبب في زيادة الحوادث المرورية، وبينا أن غالبية الطرق تعاني من إهمال شديد في تجهيزاتها ومواصفتها التي لا تتوافق مع المواصفات الهندسية المحددة عالميا، فهي تعاني من ضيق مساراتها وانتشار الحفر والترهلات بها وافتقادها لوجود مخارج على جنباتها أو فتحات دخول وخروج آمنة للمركبات، وتساءلا عن غياب التخطيط السليم عند إنشاء هذه الطرق، وهو التخطيط الذي يراعي وجود فتحات للاستدارة وطرق للخدمة بها.

مخالفة القواعد

كشف أحمد غروي أن المطبات العشوائية التي غزت طرق جازان الرئيسة مخالفة لكافة القواعد الهندسية والمرورية، وأكد أنها تسبب مزيدا من الحوادث المرورية بدل أن تكون وسيلة للتخفيف منها. وأضاف أن وضع مطبات على الطرق الرئيسة قد يكون مصدراً للإضرار بالمواطنين وممتلكاتهم، نظراً للطريقة العشوائية، التي توضع فيها تلك المطبات.

لجنة مختصة

طالب كل من حساب مشاريع جازان على منصة تويتر وعطية محنشي وأبو يزيد بتشكيل لجنة هندسية من المتخصصين لدراسة طرق جازان الرئيسة ومواصفاتها ومواقع المطبات، وإزالة كافة المطبات غير المطابقة للمواصفات، وإيجاد حل جذري لمشاكل تلك الطرق وعلاج عيوبها، مبينين أن اللجوء لوضع مطبات على الطرق الرئيسة بالمنطقة ما هو إلا هروب من المسؤولية المتمثلة في ضرورة معالجة عيوب تلك الطرق.

الحد من التهور

رأى علي ومحمد الغزواني وطلال الذروي أن تكثيف الدوريات المرورية ونقاط الرصد الآلي للمركبات على طرق جازان الرئيسة أمر غاية في الأهمية للحد من التهور، وأنه قد يكون حلا أنسب بدل وضع المطبات الاصطناعية، مبينين أن المطبات تسببت في دمار مركباتهم، وقال يحيى كميت إن «المطبات ليست حلا بل هي أحد مسببات الحوادث التي تفاجئ قائدي المركبات دون إنذار مسبق».

وبيّن كميت متفقا مع حساب مشاريع جازان وعدد من أهالي المنطقة على منصة التواصل الاجتماعي تويتر أن «المطبات التي تم إنشاؤها على عدد من الطرق الرئيسة بالمنطقة لم تراع المواصفات والمقاييس المعتمدة والأشكال والتصاميم الهندسية»، واصفين الأمر بأنه من قبيل الاستهتار بأرواح وممتلكات المواطنين، مطالبين بخضوعها لمعايير السلامة والأمن، وأن يتم إنشاؤها تحت إشراف الخبراء والمتخصصين، وتزويدها بالتحذيرات والعلامات الضوئية والألوان الواضحة.

شروط قياسية

سبق للهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة أن حددت الأشكال المعتمدة والتصاميم الهندسية للمطبات الصناعية، وقد راعت الأشكال التي تم اعتمادها، حماية الأرواح والحفاظ على المركبات، وتعزيز السلامة المرورية في المملكة، حيث شملت الأشكال المعتمدة للمطبات الصناعية 5 أشكال مختلفة، إضافة إلى تأكيدها الالتزام بعدد من الشروط التي يجب توافرها في المطبات الصناعية، حسب متطلبات المواصفات القياسية السعودية.

عدم الرد

حاولت «الوطن» التواصل مع مدير عام فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية في منطقة جازان، ومع المتحدث الرسمي باسم الوزارة للحصول على إيضاح من أي منهما عما اشتكى وتندر عليه عدد من الأهالي، لكنها لم تحصل على رد.