أطفال دون سن العاشرة يقتلون بالسكاكين، وقذائف الدبابات، شيوخ ونساء يذبحون وتقطع أطرافهم، مئات المنازل تهدم وآلاف الفقراء والمساكين يزحفون في كل الاتجاهات بحثاً عن منطقة تجنبهم قذائف الدبابات وفوهات المدافع الآلية التي تخرج في الثانية مئات القذائف القاتلة، وتصطادهم في الشوارع والأزقة، والعالم كله يقف متفرجاً وكأن إنسانيته انتزعت وأصبح بلا ضمير! كل ما يفعله العالم ومؤسساته المسؤولة عن حقوق الإنسان، هو الاستمرار في إصدار إدانات خجولة هنا وهناك، فشلت في توفير بعض الهدوء والأمان للسوريين منذ أكثر من عام، ولم تمنع عنهم القتل والرصاص الذي يحاصرهم في كل اتجاه، ولا حتى الظلم المستمر منذ عشرات السنوات.

مجزرة الحولة التي راح ضحيتها أكثر من92 شخصاً بينهم 32 طفلا دون سن العاشرة، لم تكن الأولى في سورية ولن تكون الأخيرة، فالجرائم ممتدة منذ مجزرة سجن تدمر في يونيو 1980 التي راح ضحيتها آلاف المعتقلين السياسيين، ثم مجزرة "حماة" في فبراير عام 1982م، التي استمرت 27 يوماً، وحصدت أرواح أكثر من 20 ألف سوري من الأطفال والشيوخ والنساء، وكان يتفاخر حينها نائب الرئيس رفعت "الفاسد" الذي منح هذا المنصب مكافأة على قتله أكثر من 38 ألف سوري في حماة، وفي العهد القريب كانت مجزرة سجن "صيدنايا" العسكري في يوليو 2008م، إثر عصيان مسلح قام به معتقلون، راح ضحيته العشرات من السجناء وحراس السجن، ولا تزال أحداث مجزرة القامشلي عالقة في الذهن، والتي وقعت في مارس عام 2004 م، وأدت إلى مقتل العشرات من الأكراد، ولا يزال السوريون يتوقعون المزيد من المجازر في كل يوم وكل ساعة وكل لحظة، فالآليات العسكرية تجوب المدن والقرى والأرياف بحثاً عن موقع مجزرة جديدة، والطائرات المحملة بالذخائر لا تزال تحلق فوق المنازل، والدبابات المتعطشة للقتل والدمار لا تزال تقف في مداخل الشوارع ومخارجها، والعالم لا يزال مختلفاً في كيفية حماية أطفال ونساء وشيوخ سورية، ربما ينتظر أن يقل عددهم حتى يسهل توفير أماكن يلجؤون إليها دون تكاليف مادية باهظة، أو أن تكرار المجازر في سورية واستمرارها أصبح مألوفاً لا يثير هرمونات التعاطف الإنساني في شعوب العالم.

واقع محزن ومشاهد مؤلمة تخيم على سورية منذ أكثر من عام، ولا يتفاعل معها العالم إلا كمادة إعلامية تملأ شاشات التلفاز وصفحات الصحف اليومية، فهل هذا زمان نعي الضمير والإنسانية والاعتراف بشريعة الغاب؟