مع بالغ شكري للزميلة (الشرق) على تغطيتها المتميزة لتدشين أنبوب الماء الجديد إلى تحلية عسير، إلا أنني أتحفظ على مضامين العنوان في الصفحة الأولى بالأمس " وضوء مسؤول... هدر للمياه".. في إشارة لقيام معالي المحافظ بالوضوء لصلاة العصر مباشرة من الأنبوب الهادر من محطة التحلية. دعوه يتوضأ ولو بعشرة أطنان، فالمسألة برمتها احتفالية رمزية، ونحن لم نفرح في حياتنا بعسير بوضوء مسؤول قدر فرحتنا بوضوئه ما قبل الأمس. التحقيق الصحفي الذي يجب أن يكون هو حجم المشروع وتأثير القرارات العليا لوزارة المياه على مستقبل الأمن المائي لربع السكان في القسم الجنوبي من الخريطة.

وكما اعتدنا قسوة النقد، سنطوع أنفسنا على أن نشكر. ومع هذا لن تتركنا وزارة المياه، وتحديداً شخص معالي الوزير على أن نلفظ – الشكر – بأركانه المكتملة، لأن لمعاليه موقفاً من مستقبل الأمن المائي لهذا الجزء من الخريطة لا يفله الحديد، وسنأتي عليه لاحقاً، كما كتبناه مراراً من قبل. وما يحسب لمعالي محافظ المياه أنه دشن المشروع وهو طازج للتو ولم يأت مثل عشرات المسؤولين الذين يفتتحون مشاريعهم بعد أن أصبحت أحياناً في المرحلة الثالثة أو العاشرة من الصيانة. جاء إلينا ونحن في الطوابير، التي يشاهدها معالي الوزير بعين ليست مثل عيوننا، ثم توضأ معالي المحافظ، وكأنه يريد البرهان على انطفاء أزمة.

التحقيق الصحفي الذي يجب أن يكون هو، وللمرة العاشرة: لماذا هذا الإصرار العجيب من معالي وزير المياه على إلغاء مشروع معتمد بملايينه للمرحلة الثالثة؟ ولماذا ذهب بالدراسات والاعتمادات المالية وأوراق المشروع إلى الأرشيف؟ ولماذا كل هذا الاستعلاء الفوقي بالصمت دون أن يجيب على أحد؟ لماذا ألغى معالي الوزير حقاً من حقوق ملايين المواطنين في مشروع حياة بحجة – الإحالة – إلى مياه السدود؟ ولماذا قال معالي المحافظ بالأمس بعد أن أكمل الوضوء، وفي تصريحه للوطن "إن المؤسسة لا تعتمد في برامجها على مياه السدود"؟ لماذا هذا التناقض في الرؤية لمستقبل الأمن المائي ما بين معالي الوزير وبين معالي المحافظ؟.. وكل ما أتحفظ عليه أيضاً هو قيام معالي المحافظ بالاتصال بمعالي الوزير ليسمعه على سماعة الجوال صوت الماء: نحن لا نعرف من معالي الوزير إلا زياراته التاريخية لنا حين نكون في الطوابير وفي عنق الأزمة، وإذا كان معاليه يتكرم اليوم بمجرد الاستماع إلى صوت الماء في مكالمة هاتفية فإننا نقول له: من هو المسؤول الذي يتوضأ بعد خمس سنوات من اليوم في الأزمة القادمة.. أم إنه سيتوضأ سباحة في سدود الأودية التي يصر معاليه أن نكون أسرى لها بعد إلغاء المشروع؟