في محيط العمل ومع تلك الضغوط لإنجاز المهام، يكون معظم الموظفين تحت التأثير النفسي والذي قد يؤثر سلبا على صحتهم وسلوكياتهم. ولارتباط مكان العمل بالتأثير على الناحية الجسدية والعقلية للموظفين وما قد يترتب على ذلك من انخفاض الرغبة في الإنتاجية ومعدل الأداء، وأن تصبح العلاقات بين الموظفين جامدة بل قد تكون متوترة ويشوبها نوع من الصراع والخلاف غير البناء.

من أجل ذلك قام كل من لورين لوكلر وشانون تايلور ومورين أمبروز -وهم من المتخصصين في المقالات عن أساليب الإدارة- بالعمل على التركيز على السلوكيات الإيجابية، ووجدوا أن البحوث العلمية لا توفر إلا القليل من الحلول العملية للحد من التصرفات السلبية في محيط العمل. كما وجدوا أن معظم تلك الحلول تكون مكلفة جدا وتستغرق وقتا طويلا. ويرى هؤلاء المختصين في علم الإدارة أن السلوكيات السلبية سترتبط ارتباطا مباشرا بإحباط الأفراد، وبدأوا العمل من خلال التركيز على مجال علم النفس الإيجابي الذي يعمل بشكل مباشر على زيادة تفاؤل الأفراد، ووجدوا أن أفضل الطرق هي إظهار الامتنان للموظفين، والذي انعكس بشكل كبير على تحسن العلاقات وتعزيز مشاعر الدعم بل وارتفاع معدل السلوك الاجتماعي الإيجابي، من خلال العمل التطوعي وزيادة ساعات العمل.

وتم التركيز على الأبحاث التي تؤيد تشكيل (مجموعات الامتنان) حيث يحضر المشاركون جلسات ويناقشون فيها سبل التعبير عن الامتنان، ويمارسون تلك الأدوار بهدف الوصول إلى مستوى أفضل. كذلك من المقترحات كتابة رسائل الشكر إلى أشخاص معينين.


وتركز تلك الأبحاث في الجانب النفسي الإيجابي على كتابة (يوميات الامتنان)، بمعنى أن تكون ممارسة سياسة الامتنان والشكر بشكل يومي، وذلك من خلال تسجيل وتدوين المواقف والأمور والأشخاص والأحداث التي قد تستحق الامتنان حتى ولو كانت أحداثا بسيطة جدا.

وبعد مراجعة بحوث علم النفس الإيجابي وجد المختصون الثلاثة أن الامتنان فقط يؤدي بشكل سريع إلى تبني السلوك الإيجابي مع المجتمع وتعزيز العلاقات الشخصية بين الموظفين، وتحسين القدرة على ضبط النفس والتحكم في الانفعالات، وتعزيز مشاعر الدعم والمساعدة بين الموظفين. ولم يكتف المختصون الثلاثة بمراجعة البحوث والدراسات بل أجروا دراسة على 147 موظفا في قطاعات مختلفة ووجدوا أن يوميات الامتنان كان لها إثر كبير في مصادرة السلوكيات غير المهذبة والقدرة على ضبط النفس وإرضاء العملاء ورفع مستوى الإنتاجية والأداء.

بل إن الدراسة وجدت أن أولئك الموظفين الذين كانت تصرفاتهم مرتبطة بشكل كبير بسلوكيات فظة قد تم التخلص منها تدريجيا. وبعد ذلك تم إجراء دراسة على 204 موظفين وكان الهدف هذه المرة تأثير الامتنان على الموظفين الذين يروجون الإشاعات وينبذون زملائهم في العمل، ووجدت الدراسة أن المشاركين في مجموعات الامتنان وصلوا لمرحلة كبيرة من ضبط النفس، وتخلصوا من تلك السلوكيات غير الحميدة.

ورغم أن يوميات الامتنان أحد حلول ضبط السلوكيات إلا أن هناك وسائل أخرى قد تساعد على تنمية السلوك الإيجابي في محيط العمل.