ضج موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بالأخذ والرد والإشاعة ونفيها، مطلقا العنان لتخوف كثيرين خصوصًا مع انتشار وسم لقاح الورم الحليمي من احتمالية تأثير اللقاح على بلوغ الفتيات، خاصة أن اللقاح يعطى في سن مبكرة، ومن تحوله إلى أن يتسبب في مرض السرطان.

وأوضح أستاذ علم الفيروسات السريري في جامعة نجران الدكتور أحمد الشهري أن فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) من فيروسات DNA الأكثر شيوعًا وتنوعًا.

وقد يسبب الفيروس ظهور زوائد على الجلد أو الأغشية المخاطية (ثآليل)، وثمة أنواع تزيد عن 100 نوع من هذا الفيروس، بعضها يسبب السرطان.


صلات علمية

يقول الدكتور الشهري إن «تقديرات الوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC) والتابعة لمنظمة الصحة العالمية تشير إلى أن العدوى الميكروبية سببت مثلا 13% من حالات الأورام السرطانية المسجلة عام 2018، وهناك علاقة بين فيروس الورم الحليمي البشري وما يقارب 694.5 ألف حالة سرطان متنوعة تتوزع بنسبة 90% تقريبًا بين النساء مقارنة بالرجال».

ويضيف «نفس التقديرات تشير إلى أن جميع حالات سرطان عنق الرحم لها علاقة بفيروس الورم الحليمي، ويعد HPV-16 وHPV-18 أكثر أنواع الفيروس خطورة حيث يتسببان في 70% من الحالات، كما أن هناك علاقة بين هذا الفيروس وأنواع أخرى من السرطان، ومنها سرطان تجويف الفم وسرطان الحنجرة غيرها، وبنسب متفاوتة بين الذكور والإناث».

الثآليل والتحول السرطاني

لا تؤدي معظم إصابات فيروس الورم الحليمي البشري إلى السرطان. ولكن هناك أنواعًا معينة منه يمكن أن تسبب سرطان الجزء السفلي من الرحم المتصل بالمهبل (عنق الرحم). كما ثبت وجود علاقة بين أنواع أخرى من السرطان وعدوى فيروس الورم الحليمي البشري، ومنها سرطان الشرج والقضيب والمهبل والفرج والجزء الخلفي من الحلق (البلعوم).

وعن العلاقة بين ظهور الثآليل في المنطقة التناسلية بعد الإصابة بالفيروس واحتمالية تحولها إلى سرطان عنق الرحم، أوضح استشاري الأورام النسائية والجراحات الدقيقة الدكتور مازن باعظيم أن «الفيروس ينتقل بأي تلامس جلدي، وحيث إن فيروس الـHPV له عدة أنواع، فلا بد من ذكر أن الأنواع التي تسبب الثآليل الجلدية تسمى أنواع قليلة الخطورة، ولا تسبب سرطان عنق الرحم، ولكن توجد أنواع أخرى تسبب سرطان عنق الرحم وأنواع أخرى من السرطان مثل سرطان فتحة الشرج».

اللقاح للجنسين

عن دور اللقاح في التصدي لفيروس الورم الحليمي، أشار باعظيم إلى أن «اللقاح مثل بقية اللقاحات، يحفز الجهاز المناعي بتكوين أجسام مضادة ضد هذا الفيروس، واللقاح بشكل عام يؤخذ في أي عمر، ولكن أخذه في عمر صغير أفضل من ناحية الفعالية وبناء الأجسام المضادة».

وتابع «ينصح كذلك للمتزوجات وحتى من أصيبت بالثآليل أو تم تأكيد إصابتها بالفيروس من قبل أن تأخذ اللقاح وذلك لتقوي مناعتها ضد الأنواع الأخرى من الفيروس وكذلك النوع الذي تحمله في حال الإصابة».

قلة الإصابة

يشير استشاري طب النساء والولادة والأورام النسائية الدكتور محمد اليافي إلى أن «اللقاح للرجال وللنساء، فالفيروس يصيب الجنسين، ولكن الأولوية للنساء لوجود عدد محدود من اللقاحات، ولأن خطورة الإصابة بالفيروس والآثار الناجمة عنه أكبر عند السيدات منها عند الرجال، ولكن هذا لا ينفي أهمية أخذ الرجال للقاح كخطوة ثانية بعد تطعيم الفتيات والسيدات».

وعن أهمية أخذ الرجل للقاح خاصة أن الخطورة العالية للفيروس في الإصابة بسرطان عنق الرحم وهو خاص بالسيدات فقط، بيّن اليافي أن «أهمية أخذ اللقاح من قبل الرجال مردها إلى سببين، الأول لأن الرجل عرضة للإصابة بالـHPV ولأن الفيروس يسبب سرطانات للرجال (بنسبة أقل من إصابة السيدات بسرطان عنق الرحم) منها سرطان العضو الذكري وسرطان الفم والحلق».

وتابع «السبب الثاني، هو أن السبب الرئيس في الإصابة بفيروس الـHPV هو أخذ العدوى من الناقل سواء الرجل أو المرأة فتحصين الطرفين أساس في الحماية».

تحصين

يوضح الدكتور الشهري أن بعض الأوساط العلمية دعت إلى تحصين الرجال والفتيان أيضا، وقال «إلا أنني أرى أن المسح الوطني النشط لمعرفة النمط الجيني للفيروس وعوامل انتشاره سيحدد أهمية تلك الدعوة من عدمها».

الإنجاب والبلوغ

حول تأثير اللقاح على الخصوبة والإنجاب، أشار الدكتور باعظيم إلى أن «المسألة غير مبنية على دلائل علمية وحتى في الغرب أثيرت مثل هذه الشكوك، ولكن بالدراسات التي أجريت والمقارنات بين من أخذوا اللقاح ومن لم يأخذوه لم يجدوا تأثيرا أو فرقا في القدرة على الإنجاب».

وعن التأثير على البلوغ بالنسبة للفتيات حيث إن النصائح تشير لبدء التطعيم من عمر 9 سنوات أكد الدكتور اليافي أن «اللقاح لا يؤثر على بلوغ الفتيات ولا على انتظام الدورة، وهذا اللقاح موجود منذ 20 عامًا وتم تجربته لوقت كاف».

إجماع على المسحة

عن إمكانية الاستغناء عن مسحة عنق الرحم أو (PAP SMEAR) بعد أخذ اللقاح والاكتفاء بعمل المسحة فقط للسيدات اللواتي لم يحصلن على التطعيم، أجمع باعظيم واليافي والشهري على أهمية مسحة عنق الرحم الدورية في كل الأحوال، سواء من أخذت اللقاح أم لم تأخذه.

وعن الأقاويل التي راج بعضها عن أن «اللقاح سيسهل تعددية العلاقات، وأن هذا المرض مرتبط بالنواحي الأخلاقية»، أكد اليافي أن «هذا الأمر غير صحيح ولا نزال مجتمعا محافظا، والإصابات تحدث كذلك في المجتمعات المحافظة، على سبيل المثال لا الحصر يأتي رجل يحمل فيروس HPV سبق له الزواج وتزوج مرة أخرى بفتاة لم يسبق لها الزواج، ومن ثم ينقل لها الفيروس، وعليه فإن أخذ اللقاح أمر مهم وفعال بشكل كبير في الحماية بإذن الله من سرطان عنق الرحم».

حسب وزارة الصحة

6 أنواع من سرطان عنق الرحم يسببها فيروس الورم الحليمي البشري

سرطان عنق الرحم من السرطانات الأكثر شيوعا بين النساء في السعودية

عدد الوفيات من النساء في السعودية سنويا بسبب سرطان عنق الرحم 179 من 358 مصابة

لقاح فيروس الورم الحليمي البشري HPV لا يغني عن مسحة عنق الرحم الدورية

لقاح فيروس الورم الحليمي البشري للجنسين