وعند التحليل الموضوعي لمحاور الإلهام التي يمكن استنباطها من السلوك القيادي للأمير محمد نلاحظ تركيزه بشكل أساسي على وضع رؤية قوية تستنهض الهمم، وتكون نبراسا مضيئا يوضع أمام كل قائد، من أقل المستويات التنظيمية إلى أعلى مستوى، في مؤسسات الدولة أو في باقي المؤسسات الربحية أو مؤسسات النفع العام. وتُعد «رؤية 2030» من أقوى محفزات الإلهام التي يتحدث عنها الصغير والكبير، والمختصون وغيرهم، وشكّلت بمحاورها، المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، حديث الملهمين في شرق العالم وغربه، ومثالا مؤثرا لكل من أراد التنمية الوطنية المستدامة والمتوازنة.
كما يُعد التوجه الإستراتيجي الذي أرسته الرؤية من أهم محاور الإلهام لدى الأمير محمد بن سلمان، فعند تفحص الرؤية نرى القدرة الفائقة على وضع الأهداف الإستراتيجية وتنفيذها من خلال تعظيم الكفاءة التشغيلية لمختلف أجهزة الدولة، وتحقيق مستويات أداء مرتفعة ومتفوقة بالمقارنة مع المنافسين أو مع فترات سابقة للمؤشرات نفسها. ومن هنا حلَّقت المؤشرات وأينعت الثمار. وعلى سبيل المثال لا الحصر، ارتفعت نسبة تملك المواطنين المساكن. كما رُصد ارتفاع نسبة تسهيل الحصول على الرعاية الصحية للجميع، وتوفير اللقاحات ضد فيروس «كورونا» للجميع دون استثناء، وارتفاع ترتيب المملكة في تقرير السعادة العالمي، وانخفاض مؤشر وفيات حوادث الطرق، وغيرها من المؤشرات التي تهم حياة الناس، وتلهم القادة بضرورة وأهمية التوجه الإستراتيجي.
وعند الحديث عن الإلهام القيادي، نرى قدرة الأمير محمد على قيادة التغيير الإستراتيجي، وهو من أهم الملهمات، حيث تمكن فريق العمل معه وبتوجيهه من وضع برامج تهدف إلى تغيير وتطوير وتجديد هياكل مؤسسات الدولة، وتطوير عملياتها وإستراتيجياتها طويلة الأمد، وتغيير ثقافتها التنظيمية، والتكنولوجيا المستخدمة فيها، وخير مثال على ذلك الإدارة المميزة والتقنية لبرامج «توكلنا» و«اعتمرنا» و«صحتي» و«تأكد» و«أبشر»، وغيرها في القائمة الطويلة من برامج الأتمتة المميزة، وتنظيم الحج والعمرة في أحلك الظروف وأكثرها حساسية خلال الجائحة، فقيادة هذه التغييرات الإستراتيجية تُعد من أهم مصادر الإلهام القيادي في شخصية الأمير محمد -حفظه الله.
إلا أنه، ومن خلال الاستقراء الدقيق لصفات القيادة الإلهامية للأمير محمد، نجد تلك الصفة الرائعة في شخصيته الملهمة، وهي الثقة بالنفس، فهو يتميز بالكفاءة والقدرة على مواجهة الظروف، مستخدما أقصى ما أتيح من إمكانات وقدرات في تحقيق الأهداف، والذكاء في مواجهة التقلبات.
هذا المصدر الإلهامي الرائع ظهر من خلال معالجة قضايا شائكة ومعقدة كتقلبات أسعار النفط، والتعامل مع القضايا السياسية المختلفة، والتوازن في التعاطي مع المتغيرات مع الحفاظ على القيم، وإظهار القوة دون تمادي، والصبر دون ضعف، وهي صفات مهمة ظهرت في مسيرته الملهمة، وخير دليل على ذلك مشاعر الناس تجاه ولي العهد من بلدان أخرى، بل والتصريح بالحاجة إلى قائد لبلادهم كمحمد بن سلمان، فهو مدرسة إلهامية استثنائية وأصيلة يندر وجودها.
إن ذكرى البيعة للأمير محمد بن سلمان ومسيرته الملهمة تستدعي المشاعر القوية بضرورة الاستمرار في البناء، من خلال تحقيق التوجهات الإستراتيجية لأفكاره النيرة، ورسم البرامج التفصيلية لتحقيقها.
وكل عام ووطني وخادم الحرمين الشريفين وولي عهده بخير، وإلى مزيد من الإلهام في كل عام.