المنجزات العميقة والجوهرية لا تنتظر من التاريخ أن يسجلها ليوثق أحداثها وليثبّت تفاصيلها لتصل إلى الأجيال القادمة ليستفيدوا منها، وإنما تتكلم عنها شواهدها القائمة، ويحكي حاضرها عن مكتسباتها، ويتداول العالم أخبارها ويتابع تغيراتها ويترقب مستجداتها؛ لامتداد تأثيرها الشامل ولعميق فعاليتها المتنوعة وإيجابياتها المستدامة، عطاءات ومنجزات أثْرَتْ المحتوى الوطني بتحولات إستراتيجية حققت قفزات تنموية محمودة، شملت جميع مقدراتنا بمخرجات أضافت مزيداً من الزخم لمكانتنا الإقليمية ولقيمتنا الدولية في كافة المستويات.

تُعد رؤية ولي العهد 2030 محطة الانطلاق الرئيسة لرحلة التحول الوطني الذي نعيش مكتسباته وننعم بمنجزاته التي شملت جميع الأصعدة والقطاعات، تلك الرؤية الطموحة التي ارتكزت في إستراتيجيتها على شغف وطني بالتطوير ورغبة صادقة وعميقة بالتغيير الإيجابي لصالح التنمية المستدامة والارتقاء بجميع مكونات الوطن، فاحتوى مضمونها على تطلعات وطن، وطموح شعب، واتسعت أهدافها لتشمل مختلف المكون الوطني بمقدراته المادية والبشرية، ولتكون المركب الفريد الذي يبحر بقافلة التنمية نحو تحقيق أهدافها المرجوة، والقاعدة الصلبة التي تستند عليها عجلة التحول وعملية التغيير المستهدفة، برعاية وثقة ومتابعة من القيادة نحو بلورة الطموحات والرؤى إلى واقع نعيشه.

برعاية من خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وبقيادة ومتابعة دؤوبة من سمو ولي العهد عراب الرؤية ورائدها، استطعنا ترجمة الآمال إلى أفعال والتوقعات إلى حقائق والخطط إلى مشروعات وبرامج ومبادرات نافذة، بالعزيمة الصادقة والشغف بالنجاح وبالعمل المدروس الجاد؛ أفرزت الرؤية مخرجات وأحدثت تحولات وأوجدت تغييرات أدت لتحسين البيئة الوطنية في جميع مضمونها البشري والمادي والطبيعي بل والمؤسسي، منجزات أسهمت في رسم صورة محدثة للسعودية الجديدة بردائها العصري وإرثها التاريخي وقاعدتها التراثية الثرية وثروتها البشرية المتنوعة.


قيادة آمنت بقوة وطن وبُقدرة شعب على بناء حاضر مشرف بمنجزاته متمكن من صناعة مستقبل باهر بابتكاراته وإبداعاته الواعدة، بإحداث قفزات جوهرية وتحولات جذرية في مسيرتنا التنموية، بما يضيف قيمة نوعية لصالح الوطن والمواطنين بدايةً، وبما يعزز من مكانتنا الدولية وثقلنا الإستراتيجي في الميزان الدولي.

كان من الطبيعي أن يواكب تلك الرؤية الثرية بمخزونها المعرفي والطموحة بأهدافها؛ مبايعة ولي العهد ليكون قائد النهضة الوطنية الجديدة ورائد التنمية بسماتها الحديثة وأصالتها المتجذرة، قيادة شابة تستطيع استدراك ما يحتاجه الوطن من إصلاحات، قيادة قادرة على الجمع ما بين التاريخ والحضارة، متمكنة من المزج بين تطلعات الأجيال بمختلف شرائحها وثقافاتها وبين متطلبات العصر، قيادة تستوعب أدوات التحول الوطني وممكناته وآليته، لتضع له الأسس التشريعية والمؤسسية والتنفيذية المطلوبة لهيكلته ولبلورته إلى منهج عمل وأسلوب حياة، فسخرت الموارد المناسبة لتنفيذه، لتضمن جودة المخرجات وتحصد تميز الأداء وبما يتطلبه ذلك من متابعة وتقييم لمستوى المنتجات، باختلاف ما تتبعه من قطاعات أو موارد أو منشآت مختلفة.

تزامن مع بيعة ولي العهد وإطلاق رؤية 2030، الاهتمام بإطلاق حزمة من الإصلاحات الوطنية التي لامست احتياجات الأفراد والمؤسسات والمجتمع بصفة العموم، وبما يخدم تحقيق أهداف الرؤية وما تستدعيه من الدعم المطلوب الذي تحتاجه جميع الفئات والقطاعات، كانت الحملة على الفساد بكافة مكوناته؛ البداية القوية والأرضية المتينة التي ارتكزت عليها مقومات تحقيق الرؤية وأدواتها، وكان تمكين المرأة من أحد أهم الإصلاحات التشريعية التي حظى بها نصف المجتمع المكون من النساء والذي امتد تأثيرها الإيجابي ليشمل كافة أفراد الأسرة، سواء تلك التي تعولها نساء أو تشكل النساء أحد أفرادها أو كشريكة مع الزوج في تحمل مسؤولية متطلبات الأسرة واحتياجاتها اليومية والدائمة.

تُوِجَتْ المرأة مع بيعة ولي العهد بمجموعة من الإصلاحات التشريعية والقانونية والمؤسسية التي مُنحت بموجبها المرأة مستحقات طبيعية وتسهيلات مؤسسية كانت محجوبة عنها، بموجب قوانين متطرفة ضد المرأة لتحد من مشاركتها وتمكينها من المساهمة في بناء المجتمع في مختلف المجالات، بعد أن حُصر وجودها في التعليم والمجال الصحي؛ فارتفعت نسبة مشاركة المرأة في جميع الأعمال والقطاعات بموجب إصدار إصلاحات وتشريعات مكنت المرأة من تقلد مختلف المناصب والوظائف، استطاعت بها تحصيل حقوقها في الأحوال المدنية وما يتعلق بها من تصحيح لواقع أنظمة الأحوال الشخصية وبنية القوانين التشريعية، التي أعاقت -سابقاً- ولعقود حرية المرأة وإمكانية استقلالها رغم أهليتها في إدارة أمورها وأمور أسرتها، مُنحت حق القيادة الذي حرمت منه بدعوى العادات والتقاليد رغم أهميته وإيجابياته الملموسة على المستوى الفردي والأسري، وذلك بعد أن كان ذلك استثناء عن السائد في المجتمعات القريبة والبعيدة النامية والمتقدمة.

تصدر الاستثمار في مواردنا المتاحة مستهدفات الرؤية واستحوذ على تطلعات القيادة، بما أسهم في نمو ملحوظ في قيمة دخلنا الوطني من مواردنا غير النفطية، نتيجة للاهتمام بتنويع قاعدتنا الاقتصادية، وتسخير جملة من المتطلبات المؤسسية والبشرية الداعمة لتحقيق تلك النهضة الحضارية التي نعيشها وننعم بمكتسباتها وإفرازاتها، والتي ساهمت في رسم صورة السعودية الجديدة بردائها الحضاري المتجدد الذي أضاف لقيمتها الدينية بُعداً عصرياً يجعلها نموذجاً تنموياً متميزاً.