بعض القرارات غير المدروسة سبب رئيسي لانتكاسة الطموحات العالية.. وبعض المسؤولين يقرر حل مشكلة بأخرى لا تقل حجما عن الأولى! غريب جدا.. أن تستجيب وزارة التعليم العالي لشكاوى بعض الوزارات من تسرب موظفيها بعد الحصول على شهادات عليا، بوضعها شرطا يحد من هذا التسرب، وينص على عدم قبول انتقال الموظفين الحاصلين على شهادات عليا إلى جامعاتها إذا كان حصولهم على الشهادات دون تفرغ من عملهم! ولو كان الشرط ينص على الدارسين في جامعات غير معترف بها لصفق له الجميع، لكن القرار سيحرم كل من كافح بجهده وأنهك بدنه وخسر ماله ودرس مسائيا في جامعات سعودية؛ من الحصول على فرص وظيفية تناسب طموحاته وشهاداته، والواقع يقول إن الدراسة المسائية لا تحتاج إلى موافقة جهة العمل لأنها خارج الدوام الرسمي، وليس من المعقول أن تتحكم وظيفتك بكل شؤون حياتك. وبما أن نظام الخدمة المدنية لا يمنع انتقال الموظف بين الجهات الحكومية بعد أو قبل الحصول على شهادات؛ فلا أدري لماذا تشتكي وزارة مثل وزارة التربية والتعليم من تسرب موظفيها! والواقع يؤكد أن العاطلين من حملة البكالوريوس التربوي بإمكانهم معالجة أي تسرب.

لو فكر مسؤولو وزارة التربية قليلا لوجدوا أن في التسرب "خيرا لهم"، ففيه توفير مال وتجديد دماء، فمن يتسرب بعد خدمة 10 سنوات لن يقل راتبه عن 12 ألف ريال بينما باستطاعة الوزارة توظيف معلمين اثنين براتب المتسرب لأن رواتب المعلمين الجدد 6 آلاف ريال تقريبا. ولو فكر مسؤولو الجامعات لوجدوا أن في توافد الحاصلين على شهادات عليا "خيرٌ لهم لو كانوا يعقلون"؛ لأنه سيوفر عليهم وقتا وجهدا ومالا، فيكفيهم عناء ابتعاث المعيدين وانتظار السنوات حتى يحصلوا على الشهادات العليا.

أعرف مدير جامعة كان قبل القرار يرفض قبول انتقال أي معلم حاصل على شهادات عليا إلى جامعته؛ فقط لأنه معلم، بينما جامعته تعاني من نقص كبير في أعضاء هيئة التدريس، وتستعين بشركات لتوفير معلمين بعضهم من الجنسية الهندية ولا يجيد العربية..!

إحباط أن يرى شاب طموحه وآماله تتحطم على صخرة قرارات ارتجالية لا تدرك قدرات وطموحات الشباب..!