كلما أقبلت مناسبة العيد يستهل بعض الكتاب والمتحدثين مقالاتهم ولقاءاتهم ببيت شعر للمتنبي.. «عيد بأية حال عدت يا عيد» وكأنهم يصادرون فرحة الناس ويرسخون أحزان قرون مضت لن تعود.

والحال في معناه ما يكون عليه الشخص من هيئة وصفات أو متغيرات وفي اللغة وصف منصوب، وأرى أنه من غير الإنصاف إسقاط حال شقاء وكآبة المتنبي وأمثاله على عيدنا الذي تهل علينا بمشيئة الله بشائره بعد أيام أو نعير اهتماما لمن يعيد اجترار مواقف مؤلمة حدثت عبر التاريخ بسبب إهمال وتفريط أقوام في شؤونهم وأوطانهم آنذاك، وكأننا السبب فيها، ونحن لا ناقة لنا ولا جمل.

يجب أن نفرح في وطننا بهذه المناسبة الإسلامية، وهو فرح مشروع بعد أن وفقنا الله لصيام وقيام شهر رمضان في أجواء روحانية مطمئنة.


والعيد السعيد لم تتغير معانيه السامية وفرحته وبهجته وحنينه منذ أن احتفل به المسلمون أول مرة في السنة الثانية للهجرة حتى اليوم، وهو ما يوجب علينا في عيدنا إظهار تمام الشكر لله الكريم المنان، وتجسيد معاني الاعتزاز والفخر بالقيادة والوطن، وإضفاء الابتسامة والتسامح وجبر الخواطر، وأن نستلهم كيف عاش الآباء والأجداد، وصبروا ورابطوا، ورغم ذلك كانت فرحتهم كبيرة بهذه المناسبة.

وفي كل عيد نلمح أُناسا يعانون سوء الحال بسبب قلق زرعوه في حياتهم دون مبرر ليحجب عنهم إشراقة الفرح والرضى بما قدر المولى.

ويرى الكاتب ليو بوسكاليا «أن القلق لا يجنبنا ألم الغد لكنه يحرمنا أيضا متعة اليوم»، فيما يؤكد بعض علماء الاجتماع أن التخطيط الجيد لمناسبات الحياة بمقاييس الأخلاق له أثر فعال وإيجابي في مصالحة النفوس مع محيطها الذي تعيش فيه، وعدم التقوقع والانزواء.

يقول الشاعر أحمد شوقي:

«صلاح أمرك للأخلاق مرجعه... فقوم النفسَ بالأخلاق تستقمِ

والنفسُ من خيرها في خير وعافية... والنفسُ من شرها في مرتع وخِمِ»

فمرحبًا أيها العيد بطلتك البهية وإشراقتك الجميلة.. أعادك الله أزمنة مديدة وبلادنا ترفل في أمن وهمم وقمم تلامس هامات السحاب والتهاني والتبريكات إلى جنودنا البواسل المرابطين، وإلى جميع العاملين المخلصين في بر وبحر وجو السعودية العظمى.

كل عام والجميع في أحسن حال وفرح وسلام وقوة وبناء.