تروي الأساطين (الأعمدة الأسطوانية) الموجودة على حدود الروضة الشريفة في الحرم النبوي الشريف أحداثا تاريخية عدة، يقف المتأمل لها مستذكرا وقائعها.

وحسب الباحث المهتم بتاريخ المدينة المنورة الدكتور عبدالله كابر، فإن الأسطوانات المرخمة بالرخام الأبيض، والواقعة على حدود الروضة الشريفة تشير وتدل على بيوت النبي صلى الله عليه وسلم.

والأساطين هي الأعمدة الحاملة للقباب في الروضة النبوية الشريفة، والتي استبدلت في عمارة المسجد النبوي، بعد أن كانت من جذوع النخل في العهد النبوي، لتحل محلها أعمدة من الحجارة تغيرت في تطوير عمارة المسجد على مدى 1443 عاما، هي عمر المسجد النبوي الشريف.


وتتزخرف تلك الأعمدة وتحمل أسماء واضحة كتبت بالخط المذهب، وسط إطار ذهبي بخلفية خضراء.

وحافظت أساطين المسجد النبوي على الأسماء التي حملتها منذ العهد النبوي، وارتبطت بأحداث السيرة النبوية، وقد تم ترخيمها بالرخام الـبيض إلى حد النصف منها في عهد السلطان سليم خان، وجددت في العمارة المجيدية في عهد السلطان عبدالمجيد، وأعادوا الرخام عليها وتمت تحليتها.

وفي عهد الملك فهد رحمه الله حصل تقشر في بعض رخام أسطوانات الروضة الشريفة، فقامت حكومة خادم الحرمين الشريفين حينئذ بترميمها برخام أبيض وذلك عام 1404.

الأسطوانة المخلقة

تمتاز هذه الأسطوانة عن غيرها في أنها أقيمت على موضع الجذع الذي حنّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان صلى الله عليه وسلم يستند إلى هذا الجذع قبل بناء المنبر، ويصلي عنده الفريضة.

وتقع هذه الأسطوانة حاليا ملاصقة للمحراب النبوي من جهة القبلة، وقد كتب عليها أسطوانة المخلقة، وسميت بالمخلقة لأنها كانت تطيب بطيب الخلوق في زمن عمر بن عبدالعزيز.

كما سميت أيضا بأسطوانة المصحف لأن الحجاج بن يوسف أرسل إلى المدينة المنورة مصحفا كبيرا، وكان في صندوق وضع عن يمين الأسطوانة المخلقة، كما روى ذلك الإمام مالك بن أنس رحمه الله.

أسطوانة عائشة

هي الثالثة من المنبر من جهة القبر، والثالثة من جهة القبلة، وكتب عليها أسطوانة عائشة.

أسطوانة التوبة

هي الرابعة من المنبر والثانية من القبر والثالثة من القبلة، وسميت بذلك لأن أبا لبابة ربط نفسه بهذه الأسطوانة، كما سميت أسطوانة التوبة لأن الله عز وجل تاب عليه وهو مربوط إليها. قيل ربط بها ثمامة بن آثال رضي الله عنه سيد بن حنيفة قبيل إسلامه.

أسطوانة السرير

هي الأسطوانة الملاصقة للشبك، مكتوب عليها هذه أسطوانة السرير، وسميت بذلك لأن سرير النبي صلى الله عليه وسلم كان يوضع في هذا المكان أثناء اعتكافه بالمسجد، كما روى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتكف طُرح له فراشه أو يوضع له سريره وراء أسطوانة التوبة وهي قريبة من الحجرة النبوية الشريفة لما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه وهو مجاور وأغسله وأرجله وأنا في حجرتي، وأنا حائض وهو في المسجد».

أسطوانة المحرس أو الحرس

ملاصقة للشبك وتقع شمال أسطوانة السرير، كتب عليها أسطوانة الحرس وسميت بالمحرس أو الحرس لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يجلسون عندها لحراسة النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث «عن عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية «والله يعصمك من الناس» فخرج النبي من القبة وقال أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله».

أسطوانة الوفود

الأسطوانة التي تقع خلف أسطوانة الحرس من جهة الشمال، وكان صلى الله عليه وسلم يجلس إليها ليقابل وفود العرب القادمين عليه، وكانت تعرف أيضا بمجلس القلادة، يجلس إليها سروات الصحابة وأفاضلهم رضوان الله عليهم.

أسطوانة مربعة القبر

هي داخل الشبك في الركن الشمالي الغربي للجدار الخماسي المحيط بالحجرة النبوية الذي بناه عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، ويقال لها أيضا مقام جبريل، كما أفاد المؤرخ ابن زباله في كتابه تاريخ المدينة.

أسطوانة التهجد

تقع خلف بيت فاطمة من جهة الشمال، وفيها محراب إذا توجه المصلي إليه كانت يساره إلى جهة باب عثمان المعروف بباب جبريل، وكان الرسول يخرج حصيرا يضعه خلف بيت علي، ويصلي صلاة الليل، فرآه رجل فصلى بصلاته، وتجمع الصحابة، فلما كثروا أمر بالحصير فطويت فدخل.