الأميون هم على رأس حركة النشر في بيروت، هذه حقيقة مرعبة لا يوجد ما يشبهها في أي بلد من بلدان العالم، سواء كان من دول العالم الثالث.. أو من دول العالم الثالـث عشر إذ لم يسبق أن تولى الأميون، في أي زمان ومكان، مقاليد نشر الثقافة. ولم يسبق أن صار الكتاب جارية في أيدي النخاسين إلا هنا...
إن إمبراطورية مزوري الكتـب في لبنـان، هي من أكبـر الإمبراطوريات ، وأقواها، وأكثرهـا تنـظيمًا. وشبكات نفوذها لا تقتصر على الأراضي اللبنانية، وإنما تمتد إلى سائر أرجاء الوطن العربي.
(مـافيا) الكتب في لبنان تنظيم سري رهيب.. له أكثـر من عراب.. وأكثر من سرداب تحت الأرض.
ولمزوري الكتـب عملاؤهـم.. ومخبروهـم.. وشفرتهـم الخاصة.. ورموزهم التي يتفاهمون بها. كما أن لهم (مراكز قوى) في المؤسسات الرسمية تقوم بحمايتهم وتغطيتهم لقاء مرتبات تتقاضاها من صندوق المافيا بشكل منتظم. هؤلاء القراصنـة لهـم (نقابـة) تتـولى إدارة أعمال الصيد وعندمـا يرجعون في آخر الليل على مراكبهـم الملأى بالكتـب المسروقة، يفتحون قناني النبيذ.. ويقتسمون ما وقع في أيديهم من صيد البحر والبر، فهذا يأخذ معطف نجيب محفوظ وذاك يأخـذ بدلة عبـاس العقاد... والثالث يأخـذ حذاء السيد قطـب... والرابع يأخذ قميص بدوي الجبل... والخامس يأخـذ ربطـة عنـق محمـود در ویش، وسميح القاسـم، وتـوفيق زياد، باسـم القضية الفلسطينية.. وتحت شعار العودة إلى الأرض المقدسة.
ولكن من يقف في وجه أكلة لحوم الشعراء والأدباء والمفكرين العرب؟
قد يقول لك قائل: وهل تظن أن لدى المسؤولين وقتًا لإنقاذ الكتاب العربي.. إذا كان الإنسان نفسه بحاجة إلى من ينقذه؟؟.
إن الكتاب والإنسان شيء واحد. فكلاها قيمة. والسكوت عن قتل الكتاب، كالسكوت عن قتل الإنسان، جريمة قومية، فهل يمكن أن نطالب أصدقاءنا وزراء الإعلام والثقافة والمسؤولين الكتاب في الدول العربية.. أن يفعلوا شيئًا لوقف المجزرة!
فالكتاب العربي يذبح بصورة علنية. والمؤلفون العرب يشـوون وهم أحياء على سيخ التزوير.
إن مكافحة سارقي الكتب صارت جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي.
1977*
«شاعر وكاتب سوري» «1923 - 1998».