على الرغم من أن التعدد والزواج من ثانية وثالثة ورابعة أمر محسوم، إلا أن كثيرات ممن تزوجن برجل لديه زوجة أولى يظهرن بعض الندم على خوضهن تلك التجربة، خصوصا إذا ما طرحت عليهن فرضية إمكانية العودة في الزمن إلى حد يسبق ارتباطهن برجل متزوج، وإذا ما أتيحت لهن فرصة افتراضية لإعادة التفكير في قبول هذا الارتباط من عدمه.

وتختلف دوافع ارتباط المرأة برجل متزوج بين مجتمع وآخر، ففي بعض الأحيان تكون المبررات هي زيادة عدد النساء على عدد الرجال ما يشجعهن أكثر على قبول أن تكون زوجات ثانيات لقلة عدد الرجال المؤهلين للزواج، وأحيانا قد تكون المبررات اقتصادية، فيما قد يكون لها أسباب أخرى كثيرة لدى مجتمعات أخرى.

الضرّة


غالبا ما ارتبط وصف زوجات الرجل بأنهن «ضرة»، وفي المعجم فإن ضرة ترادف الـ«أذيَّة»، والضرة هي إحدى زوجات الرجل«، كما يؤكد المعجم أنها إحدى زوجات الرجل المتزوج بأكثر من واحدة، وضرة المرأة: امرأة زوجها، وسميت بذلك لما بينهما من المضارة.

وعلى الرغم من تقبل كثيرات للزواج من رجل متزوج، إلا أن دراسات اجتماعية أجرت استطلاعات لآراء النساء بحث بعضها في الأشياء التي تكرهها المرأة لكونها زوجة ثانية، جاءت بإجابات كشفت عن أسباب عدة، منها أنها «الثانية»، وأنها «تنزعج من تقسيم وقته على حسابها».

وعلى الرغم من هذه الأسباب إلا أن كثيرات وجدن في الرجل المتزوج من أخرى عدة عوامل إيجابية، منها أن بناءه لأسرة ولو مع امرأة أخرى دليل على استقراره، وتحمله للمسؤولية، وهذه من العوامل المهمة لكل امرأة حتى تقرر أن ترتبط برجل.

لا لتكرار التجربة

تقول أم سعود «السؤال الذي يقول لو عاد بي الزمن سنين إلى الوراء هل كنت سأقبل أن أكون زوجة ثانية؟ دار في ذهني مرات ومرات، لكنني كنت أفضل كتمانه دوما، فلا فائدة من الإجابة أو شرحها أو طرحها علنا، فلن تعود السنوات بي إلى الوراء».

وتضيف: «الآن لا أجد بأسا من الإجابة.. لو عاد بي الزمن إلى الوراء فلن أعيد التجربة، بل كنت سأقرر ما تراه نفسي ويشير علي به عقلي، لأقرر وأفرض رأيي وأقول كلمتي بعد أن وافقت في ذلك الوقت دون أن أعلم كيف ولماذا وافقت؟، وما الذي سأقدم عليه؟، فقط نفذت ما سمعته من توجيهات والدتي التي كانت ترى أن مصلحتي في ذلك الزواج من ابن خالتها الذي يكبرني بأكثر من 15 عاما، ولديه زوجة أخرى وعدد من الأطفال الصغار، وسواء كنت سعيدة أو لا بزواجي منه على مدى كل هذه السنوات، وعلى الرغم من خوضي لتجربة كانت أكبر مني، إلا أنني ما كنت سأوافق على تكرارها، خصوصا وأنا لو عدت إلى تلك السن الصغيرة، وخصوصا بعدما عانيت كثيرا من الأمور الصعبة، وإن كنت قد تجاوزتها مع مرور السنين».

وختمت «لو عاد بي الزمن، فلن أدع كائنا من يكون يفرض رأيه علي أو يجبرني على اتخاذ قرار لا أراه مناسبا».

تجربتي الفاشلة

تتمنى أم فاطمة لو عاد بها الزمن إلى الوراء لتقرر مصيرها بنفسها، وتحكّم عقلها الذي تمتلكه الآن، وليس ذلك العقل الذي كانت تمتلكه حين قبلت أن تكون زوجة ثانية.

وتقول «لو عاد بي الزمن سأقرر بنفسي واستشير من يهمه أمري، وأختار من أراه مناسبا لأرتبط به وأعيش معه بقية عمري».

وتضيف: «في الزواج لابد من أن النظر إلى الأمور بطريقة منطقية وعقلانية، ومن أهمها التوافق في السن بين الزوجين، فلا يجب أن يكون الفارق كبيرا، وأن تراعى الظروف الاقتصادية والمالية، بأن يكون الرجل قد وفر بيتا فيه ما تتمناه المرأة، وأن يكون رجلا مناسبا غير معدد، وأن تكون ظروفه مناسبة لأبدأ معه حياتنا التي سنبنيها سويا، فنحن شركاء عمر، ولن أكرر تجربتي التي أصفها بالفاشلة، حيث ارتبطت برجل كبير العمر، لديه كثير من الأبناء والبنات الأكبر مني عمرا بمراحل، لأواجه في زواجي حياة صعبة وقاسية جدا».

رفضت الضرة فأصبحت ضرة

«كنت زوجة أولى»، هكذا تبدأ إحداهن، لكنها تفضل عدم ذكر اسمها، وتكمل «لو عاد بي الزمن إلى الوراء كنت سأقرر البقاء مع زوجي الأول الذي عشت معه أجمل سنوات عمري، وقد استمر زواجنا ما يقارب الخمس سنوات، لكني للأسف لم أستطع الإنجاب، فتعرض إلى ضغوط كبيرة من والده ووالدته وأخوانه للزواج بأخرى حتى تنجب له ذرية، وهذا حق مشروع له، لكنني للأسف رفضت أن يأتي بزوجة أخرى تشاركني إياه، على الرغم من أنه لم يكن مقتنعا بمشورة أهله لتعلقه بي وتعلقي به والحب الكبير الذي يربطنا، ولكن ومع إصرار والديه، ورفضي القاطع وطلبي للطلاق، حدث ما لم أكن أتمنى حصوله».

وتضيف: «تزوج بأخرى، وأمضيت فترة لوحدي، لكني عدت لأرتبط من جديد، ولكن هذه المرة من رجل متزوج من أخرى، ولديه عدد من الأبناء والبنات، وعلى الرغم من أنه لا يقصر معي في شيء، ولكن كوني قد جئت لأشارك زوجته وأبناءه حياتهم، فقد واجهت ما لم أكن أتمناه، وتمنيت لو بقيت مع زوجي الأول الذي رفضت منه كل المغريات لأبقى، ولكن قدر الله وما شاء فعل».

نجاح رغم المعاناة

تزوجت أم زياد مبكراً وهي في الخامسة عشرة من عمرها، وهي تقول: «تزوجت في سن مبكرة، ولم أبدي وقتئذ موافقة أو رفضا، بل رأى والداي أن الزوج الذي تقدم لي مناسبا رغم كونه متزوجا من أخرى، وقررا أنه لا يزال شابا وظروفه جيدة، وقد عشت معه سعيدة -ولله الحمد- حتى اللحظة رغم ما واجهته من متاعب ومعاناة، حيث كنت وقتها أجهل كثيرا من أمور الحياة الزوجية والمعيشية والاجتماعية، ولكن الصبر من كلينا كان السمة التي تميزنا بها، وخلال زواجي وسنة بعد أخرى تعلمت وأتقنت كل ما أجهله، كما واصلت مشواري التعليمي -ولله الحمد، وتجحت في التجربة، وكان بيني وبين زوجته الأخرى توافقا عجيبا أذهل كثيرين ممن استغربوه، ولم يفهموا سر تلك الألفة والحميمية بين أبنائنا».

وتختم «لم أجد في الأمر غضاضة من التزوج برجل متزوج، لكن مشكلتي التي لن أكررها لو عاد بي الزمن هي الزواج في سن مبكرة».

اتفاق على الشرعية

مع إباحة الزواج مثنى وثلاث ورباع في الإسلام، إلا أنه وضع شروطا لتعدد الزوجات، لابد من توافرها حتى يكون التعدد مباحاً شرعاً، وورد نص شرعي في إباحة تعدد الزوجات، وحدد شروط تعدد الزوجات، وهو قوله تعالى في سورة النساء «وإن خفتم ألا تُقْسِطوا في اليتامى فانْكِحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألَّا تعولوا».

ومن شروط التعدد ألا يتزوج الرجل بأكثر من أربع نساء في وقت واحد، وأن يكون الزوج قادراً على الإنفاق على جميع زوجاته، وأن يكون قادراً على العدل بين زوجاته؛ ويكون العدل بالتسوية بينهن بالإنفاق والمبيت وحسن المعاشرة، فإن لم يستطع الرجل العدل، اقتصر على زوجة واحدة، وليس مقصوداً بالعدل التسوية بالعاطفة والمحبة والميل القلبي، فهذه أمور فطرية قلبية لا يستطيع أي شخص التحكّم بها، والله لا يكلف عباده بما لا يطيقونه ولا يقدرون عليه، لكن الإسلام حذر من الميل الشديد إلى إحدى الزوجات، والذي ربّما يصل إلى درجة الإهمال بالزوجة الأخرى فيتركها كالمعلّقة.

نصائح وتجارب

يرى مختصون أن كثيرا من خيبات الزوجة الثانية تأتي من رفعها سقف توقعاتها من هذا الزواج، فهي غالبا ما تكون المفضلة لدى الزوج في بداية الزواج، لكن بعد فترة من المعايشة والمشاكل، التي من الطبيعي أن تكون موجودة، يبدأ الزواج الثاني بالتحول إلى ما يشبه الأول، وربما يرق الزوج في هذه الحالة لزوجته الأولى، ولذا على الثانية ألا تشعر بالصدمة وألا تشعر بالندم، لأنها رفعت سقف توقعاتها.

كما أن كثيرات لم يجدن في زواجهن من متزوج ما حلمن به، أو ما وعدن به من سعادة، كما أن عليهن توقع أن تعدهن الزوجات الأوليات بأنهن دخيلات على حياتهن، وأنهن يجسدن بالنسبة للزوجة الأولى تذكيرا بالانكسار وربما الصدمة، وربما هذا الإحساس يفجر المشاكل بين الطرفين، وهو ما قد يقود إلى ملل الزوج الذي قد يكون قد اختارها، لأنه يبحث عن الراحة وراحة البال وتلبية هذا يزيد عليها الضغوط.

ويعيد كثيرون ندم الزوجات اللواتي ارتبطن برجال متزوجين إلى أن حياتهم بدت كأنها حرب مع الزوجة الأولى، تتنازع كل منهما فيها الرغبة بمزيد من المكاسب والحظوة لدى الزوج، وهذا أمر مرهق للأطراف الثلاثة، يقود الزوجة الثانية في الغالب إلى الندم لاقتحامها حياة أخرى.

وكثيرا ما لعبت الغيرة أدوارا حاسمة في إثارة المتاعب، خصوصا مع إحساس الزوجة الثانية المؤقت أن زوجها اختارها على الأولى لصغر سنها مثلا أو لجمالها، وإظهار هذا الإحساس أو التعبير عنه أمام الزوجة الأولى يشعل فتيل المشاكل، ويعقد حياة الجميع.

لماذا تعاني الزوجة الثانية

ـ تعد في الغالب في الترتيب الثاني.

ـ ينظر إليها على أنها اقتحمت حياة عائلة.

ـ غالبا ما تسود الغيرة علاقتها بالزوجة الأولى.

ـ «الحرب» هي عنوان علاقتها بالزوجة الأولى، وهذا مرهق للجميع.

ـ تشعر بعد فترة من الزواج أنها دخلته بسقف توقعات مرتفع.

ـ يراودها الإحساس بأنها كما حلت زوجة ثانية قد تصدم بزوجة ثالثة.

نصائح للزوجة الثانية

ـ التفكير بواقعية بعيدا عن المبالغة في الأحلام.

ـ توقع حدوث مشاكل والتأهب للمساهمة في حلها.

ـ محاولة خلق ذكريات مشتركة تقوي رابطها مع زوجها.

ـ تبادل الثقة والاحترام مع الزوج

ـ مشاركة الزوج في التقاصيل للحفاظ على زواج ناجح.

ـ التفكير مع الزوج في الخطط المستقبلية.

ـ محاولة تجنب الخلافات.

ـ التواصل الفعال بدلا من اللوم الدائم.

ـ تحمل نصيب من المسؤولية عن سعادة الحياة الزوجية.

ـ الانتباه وتوخي الحذر لأن تجربة الزواج الثاني مليئة بالخوف من الفشل.

ـ تجنب الشعور بالغيرة من معاملة الزوج لزوجته الأولى.

ـ التعامل مع أبناء الزوج من زوجته الأولى كأنهن أبناء للزوجة الثانية.

ـ لابد من معرفة الأمور التي يريدها الزوج منها.

ـ مساعدة الزوج في تحمل المسؤولية عن الزواج بامرأتين.