امتازت القهوة السعودية بأن لها «إتيكيت» خاصا، على الرغم من دقته فإنه يسري داخل المجالس بشكل منظم ودقيق، ولا يمكن تجاهله أو تجاوزه.

وهذا الإتيكيت لم يخلق فجأة، ولم يكن وليد اللحظة، إنما هو موروث ثقافي قديم توارثته الأجيال جيلاً بعد جيل، ويحرص الآباء على نقله لأبنائهم وتعليمهم إياه منذ الصغر، وتعليم كل من يقوم بمهمة صب القهوة سواء أكان سعودياً أم غير سعودي، ويعد عدم الالتزام به خرقا للأصول المتبعة في هذا المجال، ويعود لأجدادنا الفضل- بعد الله- في ابتكار هذا الإتيكيت الجميل الذي لما يزل قائماً ونسير على خطاهم في تطبيقه والالتزام به، كما يجدر بنا أن نفعل.

وتخللت ثقافة ارتشاف القهوة العربية اختلافات طفيفة بين العرب، لكننا بشكل عام نتفق على أساسيات لا يمكن تجاهلها، هي ما يمكن أن نسميه أو نلخصه بأنه «إتيكيت» القهوة السعودية في المجالس.


مفهوم الإتيكيت

الإتيكيت كما تم تعريفه وتصويره لا يعدو أن يكون مجموعة من السلوكيات والآداب والنظم والقواعد التي تخلق حالة من نظام مقبول من التصرفات والسلوكيات، وعلى الأخص الاجتماعية والمهنية، دون أن تعني محاسبة الأفراد غير الملتزمين بها قانونياً، وإن كانت تضعهم في خانة المرفوضين اجتماعية.

ويندرج الإتيكيت تحت بند السلوكيات التي يفرضها العُرف، وهو بمثابة قواعد يجب الالتزام بها في التعامل مع الآخرين.

ويتعامل الإتيكيت مع التصرفات والسلوكيات الخارجية، ويكاد يصبح للناس بديلاً لمجموعة القوانين والقواعد المفروضة على الناس بشكل صارم، حيث يحدّد القواعد السليمة للسلوك، والتي تسهل عملية التواصل بين الناس، وتسهم في بث روح الاحترام والطيبة والتفاهم بينهم، وتحول دون نشوب أي صراعات ونزاعات بينهم.

ممنوع على الكبار

جرت العادة أن يتولى الصغير صب القهوة للكبير، وغالباً ما يكون من أهل المنزل أو من يعمل لخدمتهم، ولا يسمح لكبير السن بصبها احتراماً وكرامة له.

وأثناء صبها لا يسمح له بالجلوس، ويمسك «الدلة» بيده اليسرى ويقدم الفنجان بيده اليمنى، وإن قدمها خلاف ذلك يعد ذلك خطأً فادحاً.

ولكي يلفت انتباه الضيف، يدق من يصب القهوة الفنجان بمقدمة الدلّة لتصدر صوتا يجعل الضيف ينتبه إلى تقديم القهوة له، وعلى الضيف ألا ينشغل بالحديث ويترك المضيف ينتظر طويلاً.

يتم تقديم القهوة للأكبر سناً أو من يحلّ مكانه في المجلس أولا، وبعد ذلك يتم تقديمها لمن هم في يمين المجلس ثمّ لمن هم في يساره، وفي حال كان جميع الحضور من الوجهاء هناك خياران:

الأول: أن يتم البدء في الصب من اليمين إلى اليسار.

الثاني: أن يتم وضع أول فنجان بينهم، وقول «حشمتكم بينكم» حتى يتنازل أحد الحضور للآخر.

ومن العيب تجاهل أحد الضيوف أو نسيانه من تقديم القهوة له، لذلك يتم إسناد مهمة صب القهوة لشخص فطن وماهر في تقديمها.

ثلث الفنجان

لكمية القهوة المقدمة إتيكيت أيضا، وهو ألا يتجاوز مقدارها في الفنجان الثلث، وتسمى صبة (الحشمة)، وفي حال زاد على ذلك دل على أن الضيف غير مرحب به، إلا أن بعض القبائل تعد ملئه إكراماً للضيف.

ويلازم القهوة السعودية التمر أو الرطب، ومع مرور الزمن تم إضافة الزبيب وبعض الحلوى التي بدورها تعادل مرارة القهوة.

ومن مظاهر احترام الضيف للمضيف أن يحتسي أكثر من فنجان لكن دون مبالغة، فالعرب قديماً كانوا ينتقدون من يكثر من شربها في المجلس الواحد، ويطلقون عليه اسم «غير راعي كيف».

لذلك تم حصرها بأربعة فناجين وهي:

الأول: فنجان (الهيف) يشربها المضيف ليثبت لضيوفه أن القهوة ليس بها ما يؤذيهم.

الثاني: فنجان (الضيف) يشربه الضيف إكراماً لمضيفه.

الثالث: فنجان (الكيف) يشربه الضيف للاستمتاع بمذاق القهوة.

الرابع: فنجان (السيف) يشربه الضيف، وهو يعني أن الضيف متضامن مع مضيفه في حال تعرضه للاعتداء.

النفخ ممنوع

في وقتنا الحالي اختلف قليلاً نظام الفناجين الأربعة، إذ يقوم الضيف بتحريك الفنجان من اليمين إلى اليسار حتى يبرد، ويحذر أن يقوم بالنفخ في الفنجان، ويجب ألا يتعدى في شربِه ثلاث رشفات.

وعندما تنفذ كمية القهوة ويبقي الحثل- الهيل والبن- يقول المضيف: «حقك بالفاير مو بالبايت»، ويرد الضيف «النقص مو فيك النقص في الدلة»، ويقصد بذلك أنه سيتم إعداد قهوة جديدة تفور.

في حال كانت قهوة المضيف فيها عيب أو خلل يقول الضيف «قهوتك صابية»، وعندها يتم تغييرها فوراً.

يقوم الضيف بهز الفنجان عند انتهائه من القهوة في حال عدم رغبته بالمزيد بالتزامن مع كلمة «أكرمك الله أو دايمة».

4 تصنيفات لفناجين القهوة

1ـ فنجان (الهيف)

2ـ فنجان (الضيف)

3ـ فنجان (الكيف)

4ـ فنجان (السيف)

عيوب تخالف العرف

ملء الفنجان أكثر من ثلثه (صبة الحشمة)

النفخ في الفنجان

شرب الفنجان بأكثر من 3 رشفات

الإكثار من شرب القهوة في المجلس الواحد (ربما لأكثر من 3 مرات)

انشغال الضيف بالحديث وترك من يصب القهوة واقفا