بعيدا عن التوقعات والمراهنات كسر الشاعر والكاتب والمترجم وعالم النفس السويدي توماس ترانسترومر (80) سنة هيمنة السرد على جائزة نوبل للآداب في السنوات الأخيرة ونالها أمس لهذا العام وسط دهشة الإعلام الموجود في مبنى الأكاديمية السويدية في العاصمة ستوكهولم، حيث كانت المنافسة على أشدها بين عدد من المرشحين لنيلها منهم الياباني كورا موركيم والشاعر السوري أدونيس والموسيقي بوب دلان والكاتب الأميركي فيليب روث، وفي النهاية وقع اختيار أعضاء اللجنة على الشاعر السويدي.
وقالت الأكاديمية في حيثيات قرارها بمنح الجائزة لترانسترومر إن الشاعر السويدي "وجهنا إلى طرق جديدة للوصول للواقع عبر صوره المكثفة الشفافة".
وأنه حاز الجائزة "لأنه من خلال صور مركزة وواضحة، يعطينا منفذا إلى الواقع". وأضافت أن "غالبية دواوين ترانسترومر الشعرية تتسم بالإيجاز والوضوح والاستعارات المعبرة".
وأوضحت الأكاديمية السويدية في بيانها "في دواوينه الأخيرة مال ترانسترومر إلى اقتضاب أكبر وإلى درجة أكبر من التركيز".
الأمين العام للأكاديمية بيتر أنجلوند قال: إنه اتصل بالشاعر الذي "فوجئ" بحصوله على الجائزة. وأضاف أنجلوند "كان يستمع إلى الموسيقى، توماس ترانسترومر أحد أعظم شعراء هذا العصر، واسمه مطروح منذ 1973 للفوز بجائزة نوبل للآداب"، مشيرا إلى أنها المرة الأولى التي يحصل عليها مؤلف من السويد منذ أربعين عاما.
وأضاف أن "غالبية دواوين ترانسترومر الشعرية تتسم بالإيجاز والوضوح والاستعارات المعبرة".
وأوضح أنجلوند "ليس شاعرا غزير الإنتاج، إلا أن بساطة قصائده المعبرة جدا سمحت بترجمة أعماله إلى أكثر من ستين لغة، انطلق في بداياته بقصائد تقليدية تمحورت حول الطبيعة إلا أن أعماله اتخذت رويدا رويدا طابعا أكثر حميمية وحرية بحثا عن الارتقاء بالذات وفهم المجهول، وتناول ترانسترومر الموت والتاريخ والذاكرة التي تحدق بنا وتزيد من قيمتنا، لا يمكننا أبدا أن نشعر بالصغر بعد قراءة شعر ترناسترومر".
وفي دواوينه الأخيرة ولا سيما آخر عمل له صدر في 2004 وضم 45 قصيدة صغيرة جدا "مال ترانسترومر إلى اقتضاب أكبر وإلى درجة أكبر من التركيز" على ما قالت الأكاديمية.
وروى أنجلوند "كان يستمع إلى الموسيقى"، مؤكدا بذلك عادة تحدثت عنها زوجة الشاعر مونيكا في مقابلة صحفية قالت فيها إن الموسيقى باتت في السنوات الأخيرة أهم لترانسترومر من الكتابة.
وإلى جانب استماعه للموسيقى كل صباح فهو يعزف البيانو يوميا بيده اليسرى فقط لأن اليمنى مشلولة منذ إصابته بشلل نصفي وصعوبة بالنطق إثر سكتة دماغية في 1990، وهو يتحدث من خلال زوجته، ولكن الإصابة لم تبعده عن كتابة الشعر الذي كان يتكلم عوضا عنه ومن خلاله. وقال ناقد سويدي عن أشعار ترانسترومر إن "وجود الكائن البشري فيها لا ينتهي عند حدود أصابعه"، واصفا قصائده بأنها "تأملات علمانية".
ويدعو ترانسترومر الذي تابع دروسا في علم النفس، إلى تفحص شعري للطبيعة يسمح بالغوص في أعماق الهوية البشرية وبعدها الروحي.
وأصيب توماس ترانسترومر عام 1990.
وعمل الشاعر السويدي في مجال الشعر لمدة 50 عاما وتعد أعماله من بين أهم الأعمال في الدول الإسكندنافية، حيث ولد عام 1931، وعمل لاحقا في مجال الإرشاد الاجتماعي والنفسي، وفي عام 1954 تحول لكتابة الشعر الذي كان يستلهمه من الطبيعة الخلابة في السويد، وأول إصدار له كان عبارة عن 17 مقطوعة شعرية، حيث نالت تقدير وإعجاب القراء والنقاد. وبسرعة تحول من الشعر الذي استلهمه من الطبيعة إلى الانتقاء من الفن ومن خلال الرحلات والسفر إلى جانب كتابته عن الموت 1958 وإلى 1962 كان شعره تطبع عليه الروحانيات.
حيث نال عدة جوائز من "لجنة الآداب الإسكندنافية" عن إصداره " للأحياء والأموات" الذي أصدره عام 1989، وآخر إصدار شعري "الشوارع الكبيرة" كان عام 2004.
وتسلم جوائز نوبل للفائزين بها في العاشر من ديسمبر المقبل، وهو يوم وفاة ألفريد نوبل (1833-1896) التي تمنح الجوائز تخليدا لذكراه.
إبداعه لا يعتمد على عقيدة فكرية أو سياسية
ستوكهولم: د ب أ
ظل الشاعر السويدي توماس ترانسترومر80 عاما الذي منح جائزة نوبل للأدب لعام 2011 وفيا لوظيفته التي درسها في الجامعة حتى أصيب بجلطة دماغية شديدة عام 1990. وكان قد درس علم النفس في مسقط رأسه ستوكهولم في خمسينيات القرن العشرين، وكذلك الأدب وتاريخ الأديان.
عمل ترانسترومر معالجا نفسيا للأحداث في السجون حتى بعد بدء مشوار الكتابة، ثم عمل نصف الوقت مستشارا نفسيا لدى عدد من مكاتب العمل في ستوكهولم. ترجمت الدواوين الشعرية لترانسترومر إلى نحو 50 لغة وتضم الأعمال الكاملة له حوالي مئة عمل أدبي. عزف الكثير من القراء عن قصائد ترانسترومر في أعقاب حركة عام 1968 في أوروبا حيث لم يدل بدلوه في الأحداث اليومية آنذاك، وبدا شعره متفائلا وبعيدا عن التصادم مع هذه الأحداث حسبما اتهمه ناقدوه الذين رد عليهم ترانسترومر بالقول إن إبداعه لا يعتمد على عقيدة فكرية، أو سياسية بعينها، بل على رؤى مستشرفة للمستقبل.
يعيش ترانسترومر الذي ينحدر من عائلة صحفية في السويد منعزلا في بيته في ستوكهولم مع زوجته مونيكا منذ إصابته بجلطة دماغية أفقدته القدرة على الكلام، ولكنه كتب مذكراته بمساعدة زوجته ونشرها عام 1993 تحت عنوان "الذكريات تراني".
باولا: فوز والدي أعطاه شعورا بالارتياح
قالت ابنة الشاعر السويدي توماس ترانسترومر إن فوز والدها بجائزة نوبل في الأدب لعام 2011 أعطاه شعورا بالارتياح. وقالت باولا متحدثة من شقة والدها في سولديرمالم في ستوكهولم إن والدها تلقى نبأ فوزه بهدوء، مؤكدة أن الأسرة بأكملها تشعر بالسعادة الغامرة لذلك. ولم يتحدث ترانسترومر للصحفيين. وكانت قدرته على الكلام قد تأثرت بشدة بعدما أصيب بجلطة في عام 1990.
وعلى مدار سنوات طويلة، ظلت وسائل الإعلام تتوقع فوزه بالجائزة إلا أن الحظ حالفه هذه المرة. وقالت باولا مازحة: "كل التكهنات انتهت الآن، بإمكانهم متابعة إعلان الفوز بهدوء". وأوضحت أن أهم شيء بالنسبة لوالدها كان دائما قراؤه. أما إيفا بونير ناشرة قصائد ترانسترومر فوصفت فوزه بالجائزة بأنه "أمر رائع".
ملامح
•ولد في 15 أبريل 1931 في ستوكهولم
•تولت والدته تربيته بعد رحيل والده المبكر.
• حاز جائزة نوبل للآداب للعام 2011
•أكثر الشعراء الإسكندينافيين على قيد الحياة شهرة
•إجازة في علم النفس العام 1956
•عمل في المعهد النفسي التقني بجامعة ستوكهولم
•في سن الثالثة والعشرين أصدر وهو لا يزال طالباً، ديوانه الأول بعنوان "17 قصيدة" لدى أكبر دار نشر سويدية "بونيرز" التي بقي مرتبطاً بها طوال حياته الأدبية.
•بموازاة إنجاز أعمال شعرية غنية، عمل مع معوقين وسجناء ومدمني مخدرات.
• 1966 جائزة بيلمان .
• جائزة بيترارك (ألمانيا العام 1981)
•جائزة نويشتاد إنترناشونال برايز (الولايات المتحدة العام 1990).
• في 1997 استحدثت مدينة فاتيراس العمالية حيث عاش ثلاثين عاماً قبل عودته إلى ستوكهولم في تسعينات القرن الماضي جائزة ترانسترومر.
•صدرت له حوالي عشرة دواوين.