تتشدق أفواههم بمصطلح «حرية الرأي»، وهم أول من يخالفون تلك المقولة. يريدون أن يقف الجميع في صفهم، يوافقونهم على كل ما يقولونه، حتى لو لم يعجبهم ذلك، والويل لمن يخالفهم.

يكرهون من يسير عكس تيارهم، والأدهى والأمر أنهم هم أنفسهم دوما من ينادون باحترام آراء الآخرين، ولا أدري لمَ لا يطبقونه على أنفسهم!!!.

يمارس هيمنته وانحيازه لرأيه، ويرغم الآخرين على تقبل رأيه بالقوة وبلا تفاهم، ومن يعارض قوله يتهمه بالهمجية وقلة الاحترام، وإذا دارت به الدنيا وصار هو مكانهم، لغضب أشد غضب، واستنكر فعلتهم، وينعتهم بالجاهلية وعدم احترام وجهات النظر المختلفة!!!.


كان الأولى به أن يسأل نفسه لمَ أقواله تناقض ما يفعله؟ ولم يصاب بالغضب، وتبدأ دفاعاته لمن يخالفه الرأي؟، فذلك لا يعني أنه يكرهه، ويريد العراك معه.

أبدا، ليس الأمر كذلك، وليس واجبا على الشخص أن يغير رأيه، ليكسب رضاءهم ويتقبلونه. لا أدري لمَ لا يتقبلون حقيقة الاختلاف في الآراء والأذواق؟!، وأننا خُلقنا مختلفين لا نشابه بعضنا البعض، فهذه سنة الحياة، ولا مناص من اختلافنا.

ولكن لنحسن الظن بهم، فقد يعاني البعض الفهم المغلوط، ولا يُفرق ما بين احترام آرائهم وما بين موافقتهم على آرائهم، فالأمر شتان ما بينهما، فالاحترام هو أن تتقبل رأيه دون العمل به.

أما الموافقة، فتعني قبولك رأيه والعمل به، وبذلك تكون مؤيدا لما قاله. أن تحترم آراء الآخرين لا يعني ذلك قبولك بما يؤمنون به، بل إن يكون النقاش والحوار بطريقة محترمة راقية، تناقش الفكرة نفسها لا الشخص، وإلا تشوب النقاشات الحدة وعلو الصوت بهدف إسكاتهم، ولا السخرية وتهميش آرائهم، ولا التعصب للرأي الذي قد يصل بالبعض لأن يتشابكوا بالأيدي في منظر غير حضاري.

يجب علينا أن نعي أن لك مطلق الحرية في التعبير عن آرائك، ويجب على كل واحد منا أن يحترم رأي الآخر، فاختلاف الآراء وارد في كل شأن، لأننا خلقنا هكذا مختلفين في شخصياتنا، صفاتنا، طباعنا، تفضيلاتنا، وفيما نكره، ولا يمكننا جميعنا أن نتفق على رأي واحد.