اعتبر الكاتب المسرحي سامي الجمعان اختياره إلى جانب الروائية رجاء عالم في اجتماع وزراء الثقافة الخليجيين المنعقد في أبوظبي لحظة استثنائية في حياته. ورفض الجمعان في حديثه إلى "الوطن" الخوض في تفاصيل استقالته أخيرا من إدارة فرع جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، مرجئا الحديث عن ذلك إلى وقت مناسب حسب قوله، مشددا على أن خلافه مع المدير العام لجمعية الثقافة والفنون عبدالعزيز السماعيل هو مجرد اختلاف في وجهات النظر فقط، واصفا إياه بأنه أمر صحي وطبيعي.. إلى نص الحديث:

ماذا يعني لك التكريم في مناسبة كبيرة وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي؟

بالتأكيد هي لحظة استثنائية في مسيرتي الأدبية والعلمية والثقافية عامة وشرف كبير لي اختياري من بين كل هذه النخب لأمثل المسرحيين السعوديين في يوم التكريم، أعيش لحظة من أسعد لحظات حياتي، فقد أشعرني هذا الاختيار من قبل وزارة الثقافة والإعلام بأن جهودي التي بذلتها على مدى 30 سنة في مجال المسرح لم تضع هدرا، وأن التكريم هو الصدى الحقيقي لمنجزي.

ما هي أبرز المحطات في هذا المشوار؟

التصاق اسمي بتحقيق أول جائزة للمسرح السعودي على مستوى الخليج هي أولى هذه المحطات، فقد حصلت عام 1987 في مهرجان مسرح الشباب الخليجي على جائزة مسرحية، وكانت بمثابة المحفز الكبير لعطاءات أكبر؛ كوني شعرت بالمسؤولية بأن يوثق اسمي ضمن منجزات وطني المسرحية، أما المحطة الأهم في التعاطي مع المسرح لا بوصفه ترفا إنما بوصفه قضية، بل مسؤولية، فخصصت دراسة الماجستير في الأدب المسرحي، ثم وهو الأهم أنني بنيت مشروعاً تأليفياً يخصني بعنوان: مسرحة الرموز والتجارب المسرحية العربية والذي توجته عبر نصين هما: موت المؤلف الذي دار حول تجربة سعد الله ونوس من سورية، ثم النص الثاني وهو حدث في مكة ويدور حول أحمد السباعي وعلاقته بالمسرح، والنصان فازا بجوائز قيمة، فقد حصل موت المؤلف على جائزة أفضل نص في مهرجان المسرح السعودي الرابع، وفاز الآخر بالجائزة الثانية في مسابقة التأليف بوزارة الثقافة والإعلام عام 2010.

هل تعني أن وجود مشروع ثقافي هو من أسباب تكريمك الرئيسة؟

دونما شك في ذلك، فوجود المشروع يدل على التعاطي مع الثقافة بوصفها تنمية مجتمعية لا بوصفها جانباً كمالياً، والدليل على ذلك المشروع الروائي الذي أصفه بالعملاق لروائيتنا المتفردة رجاء عالم وما يتضمنه مشروعها من عمق على مستوى اللغة أو التاريخ والأسطورة، علينا أن نؤكد أهمية المشروع لدى الأديب، فحملك لمشروع ما يعني حضورك المقنن في المشهد وهو ما أسعى إليه بصفة شخصية.

بعد 4 سنوات استقلت أخيرا من إدارة فرع جمعية الثقافة والفنون بالأحساء، ما هي دواعي الاستقالة؟

قبل الخوض في الأسباب أفخر بالمنجز الذي حققته بتعاون أعضاء الفرع الذين ضربوا مثالا نبيلا في العلاقة بيننا بتقديمهم استقالة جماعية تضامنا مع موقفي، فالشكر العظيم لهم. وحين تسألني عن سر هذا التضامن أقول لك هو الود الذي بنيناه معا وعملنا بموجبه وحققنا القفزة النوعية للفرع.

ما موقفك من استقالتهم الجماعية؟

اجتمعت بهم مباشرة بعد علمي بأنهم اجتمعوا من أجلي وقدموا استقالتهم تضامنا معي، كان اجتماعي بهدف ثنيهم عن ترك الفرع خوفا على انهياره، فجمعية الثقافة والفنون ليست ككل المؤسسات الثقافية الأخرى، فهي تعتمد على الانتماء كثيرا في تسيير أمورها، بمعنى أن من يستطيع التعاطي معها لا بد له من تجربة طويلة فيها، عموما سعيت للضغط عليهم إلا أن بعضهم أصر على تقديم استقالة فورية وهم خالد الفريدة ويوسف الخميس وصالح الحربي وعبدالرحيم الدغيش وراضي الطويل واثنتان من القسم النسائي، وقد وافاني رئيس الجمعية الدكتور محمد الرصيص بخطاب يفيد قبول استقالتهم وشكرهم على جهودهم التي بذلوها في الفرع خلال الفترة الماضية، وتضمن الخطاب أن يكون آخر عهد لهم بالفرع نهاية شوال، أما البقية ممن وقعوا الاستقالة الجماعية فأصروا على رفعها وترك أمرها للمركز الرئيسي، وصدقني أنا لا علم لي بما تم فيها حتى الآن وإن كنت أسعى حاليا مع الزملاء لتأكيد بقائهم.

ماذا يعني لك تعيين علي الغوينم خلفا لك؟

يعني لي الكثير، فعلي من المقربين لي ويتفهم المنجز الذي حققته لهذا الفرع، وتحديدا فكرة الشراكة الاجتماعية ومدى نجاحي وزملائي في قطع شوط طويل فيها، وبالتالي فالغوينم كمقرب للفرع وكابن بار له سيسعى جاهدا للمحافظة على مكتسب كهذا، وقد أكدت له مرارا بأنني عون له وداعم لوجوده، فهو جدير، ولم أكن مستغربا البتة اختيار الغوينم تحديدا، فهو أقرب المجموعة لهذا المنصب.

هل هناك أسباب مباشرة لاستقالتك؟

قد يكون هناك، ولكنني سأفصح عنها في حينها، فالأجواء الآن ملبدة بغيوم كثيرة وسيأتي اليوم المناسب الذي تظهر فيه الحقائق، إلا أن ما يهمني الآن هو التركيز على مشروعاتي المقبلة، كما أؤكد حرصي على التعاون مع إخوتي في الفرع من أجل الأحساء.

وماذا عن موقفك من مدير عام الجمعية عبدالعزيز السماعيل الذي قيل إن بينكما خلافا شخصيا، وكذلك الدكتور محمد الرصيص؟

أكن لهما الاحترام والتقدير، متأملا لهما التوفيق والاستمرار حتى وإن اختلفنا في وجهات النظر فهذا أمر طبيعي، بل وصحي، إلا إن كان هناك من يعتبر خلاف وجهات النظر عداء شخصيا، وتبقى الحياة مستمرة وتبقى الوجوه متجددة، والعطاءات موثقة ومعروفة، ولكني أتمنى عليهما السعي حثيثا لإيجاد موارد مالية للجمعية، فهذا هو التحدي الحقيقي لهما، أعني ألا نضيع الوقت في مسائل نظرية وقرارات لا تمس جوهر القضية، فجمعية الثقافة والفنون علاجها الموازنات المالية التي تحل قضايا كثيرة حال توفرها.

ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتك في إدارة فرع الجمعية؟

لا تتخيل حجمها، فالشهر الذي عينت فيه تفاجأت بصاحب المبنى القديم يطلب زيادة الإيجار أو إخلاء المبنى، نقلنا لمبنى آخر وكان التحدي الحقيقي في تأهيله، وحالياً مبنى الجمعية تتوفر فيه كل المرافق. عانيت الأمرين من أجل ذلك، وآخر ما استحدثته أستوديو مختص في التصوير الضوئي، ويكفيك تجهيز قاعة المسرح التي تعتبر الآن أفضل مسرح في محافظة الأحساء على مستوى التجهيزات، أما المعضلة الكبيرة فأنا المدير الوحيد في فرع الأحساء الذي طلب منه تقليص أعضاء الجمعية ثلاث مرات على التوالي منذ عام 1428 حتى هذا العام، ولك أن تتخيل صعوبة إقصاء زملائك، حتى إن البعض ـ سامحه الله ـ لم يتفهم حتى اللحظة أن إقصاءهم من الفرع جاء بقرارات عممت على كل الفروع ولا ذنب لي فيها، وصدقني بأنني كدت أستقيل لحظتها لصعوبة الموقف، فكل الزملاء في فرع الأحساء متفانون ومخلصون، وإقصاء أحدهم يشكل معضلة كبيرة أمام المدير، وهو ما تعرضت له ثلاث مرات.. تخيل هذا. كما أني أفخر بأني أوجدت عقود عمل متواصلة مع الغرفة التجارية عبر دورتين لسوق هجر السنوي، وأوجدت شراكة متميزة مع صيف أرامكو السعودية، فضلا عن العمل مع إدارة التعليم بالأحساء وجامعة الملك فيصل وأمانة الأحساء وجمعية المعاقين ووزارة الصحة، آملا أن يستمر هذا المنجز في تحقيق أهدافه وألا يتوقف برنامجه. وكلي أمل في الزملاء في المحافظة على هذا المكتسب.