لكن المُضحك المُبكي ما يعرض للبعض من فلتات اللسان، رب كلمة تفضح مكنون الصدور و تكشف خبث الطوية، ليغلب الطبع على التطبع..!
لا تجهد بالتعمق في صدقه من زيفه، فقبل كل شيء صدقه أو دجله على نفسه لا يضرك بشيء، وتأكد أنها مسألة وقت ليعمد لهدم بنيانه بيده وكشف خداعة بلسانه، فتمهل واهمله لترى وعجب مما قد ترى..!
جاء عن بعض السلف قوله: (ما أسر عبد سريرة إلا أظهرها الله على قسمات وجهه أو فلتات لسانه)، لو تأملنا انفسنا ومن حولنا نرى بعين الواقع وجوه عابسة وكلمات تضحك، فلا الوجه كذب ولا الكلمة صدقت !.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة، فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها، قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح».
سبق لسانه فأخطأ اللفظ، بغير قصد نطق كلمة الكفر والعياذ بالله، ولا نية له بها فلم يؤاخذ ولم يُكفر قال تعالى: «وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا» [الأحزاب: 5] .
اللسان ترجمان القلب ومرآة النفس وأمير الجسد كما قال الحسن البصري رحمه الله: «اللسان أمير البدن، فإذا جنى على الأعضاء شيئا جنت، وإذا عف عفت».
ولكن ليس كل زلة لسان سوء نية..! قد تكون عفوية لعارض من فرح أو حزن مما يعرض للناس في حياتهم، ونحن كأي مجتمع فينا الشيء وضده، الحُسن والسيء، الطيب والخيب فلا تعميم ولا تخصيص بزلة لسان، كل وشخصه ومكانه وقبلها قلبه، لا أحد معصوم من الزلل و الخطأ، فنحن بشر والنقص موجود والخطأ وارد !
لكن بقدر الاستطاعة نستطعم الكلم قبل أن يفلت منا، ونضع نصب أعيينا أن اللسان آفة المؤمن إن حفظه حفظ دينه وعرضه، وإن أضاعه فلا حول ولا قوة إلا بالله.
كان ابن عباس رضي الله عنهما يأخذ بلسانه وهو يقول: ويحك قل خيرا تغنم، أو اسكت عن سوء تسلم، وإلا أنك ستندم.
فقيل له: يا ابن عباس ! لم تقول هذا؟ قال: إنه بلغني أن الإنسان ليس على شيء من جسده أشد حنقا أو غيظا منه على لسانه، إلا من قال به خيرا، أو أملى به خيرا.