في حياتنا الاجتماعية هناك المعقول واللامعقول، ويختلف مفهوم ذلك حسب الموقف والزمان ونبرة الصوت، والحديث، والمكتوب.

الكثير من الناس يستغرب لكنه يعرف المقصود لكنه يتجاهله بهدف البعد عن دائرة السؤال والابتعاد عن الشك. معقول العقل يقبل ولا تقبل به النفس الأمارة بالسوء. كثير من المواقف في حياتنا حين التعامل مع الناس على اختلاف أعمارهم وجنسهم وجنسياتهم وثقافتهم ودينهم التي تصدمك وتأخذك الى السؤال هل هذا معقول!، نعم معقول فنحن في نعيش في دائرة اللامعقول الدائرة التي يعيش في داخلها أناس غير معقولين.

التنازل غير المعقول دليل على تمسك الإنسان بغير المعقول والقبول به والتعايش معه وتزيينه لينفذ من دائرة اللامعقول.


نحن نتنازل حين يكون التنازل معقول ويقبل به العقل ولا يخدش الكرامة الإنسانية والمواقف التي يسجلها تاريخ الإنسان وتحفر في ذاكرته (في أحد الأيام، ستتنازل مجبرًا عن بعض أحلامك، حتى تعيش واقعك) بحسب جبران خليل جبران.

تلفّت من حولك أيها الإنسان لنْ تتعب في التعرف ومقابلة الكثير من الناس الذين يتنازلون عن قيمهم في سبيل البقاء حيث يريد ولا تريده مبادئه.

هل من المعقول أن يتنازل الإنسان عن قيمة الإسلامية مقابل أهواء دنيوية؟ هل المعقول أن يقبل الموظف أخطاء مديرة لينعم بترقية او علاوة مجزية؟ هل من المعقول أن يحب الإنسان ويخون في نفس الوقت؟ هل من المعقول أن يرتكب مهندس الأشرف أخطاء هندسية فظيعة من أجل بعض المال؟

هل من المعقول أنْ تجامل الاخر من أجل كلمة شكر، هل المعقول لا تجدون وتعرفون الكثير الغير معقول في حياتكم.

الكلام الجميل يجذب الناس لقائله ويفتح أبواب المحبة والتفاهم، فهناك أقوال أجمل من كل الدرر، وبعض الكلام إن وزنته تجده أغلى من الذهب لا بل أغلى من أحجار الألماس الملونة، هذا حين يكون الكلام معقولًا وموزونا ويبقي الأنسان في منزلة رفيعة بين الناس والأهم عند نفسه.

التنازل المعقول امر محبب ومطلب معقول لتبقي العلاقات مع الآخرين في قمة سلّم المعقول، والإفراط في التنازل طريق موحش يأخذ الإنسان لدوامة" إلى متى أتنازلْ".

التنازل في حدود المعقول معقول، وليس التنازل الذي يجرح النفس ويؤلمها وينتزع الإنسانية، وإن لكل إنسان شخصيته المميزة ونظرته الخاصة إلى الحياة.

وهذا الاختلاف ليس صفة مذمومة أو قبيحة؛ بل على العكس، فالاختلاف من سنن الحياة، لكن المعقول يبقي معقولًا، وغير المعقول يبقي في دائرة لماذا؟

دعوة لتعلّم فن التنازل ومتي وكيف يكون، جميل أنْ يعي ويدرك المتنازل ويقدر حجم التنازل الذي قام به شريكه، ومن هنا تلتئم الجروح وتنفرد الأشرعة وتسير المراكب قدما.

نعم... بارعون هم من يتقنون فن التنازل.

همسة: (التنازل ليس ضعفاً بل ثقة بالنفس وإدراك للواقع).