لا توجد في مسألة مستشفى عرقة المهجور منذ 26 عاماً حكاية للجن ولا يحزنون أو يفرحون. المسألة بكل بساطة أن هذا المستشفى مثله مثل عشرات المستشفيات التي شيد عمادها في العقود الأخيرة ولم تستطع الوزارة إكمال التأثيث وتأمين الكوادر. ولو أن الجن تسكن في كل مشروع متعثر أو تعيش في كل بناية لم تكتمل حتى المفتاح من مشاريع هؤلاء المسؤولين لكنا اليوم، بحسابات العالم السري الآخر من إخوتنا من الجن بمثابة الهند أو الصين في عدد السكان الملياري من الجن. نفق مدينة خميس مشيط الفضيحة المفتوحة منذ ثمان سنين يستوعب آلاف الجن، وخذ بالمثال أيضاً أن الكوبري الآخر على حزام مدينتي لم يستكمل حتى نصف هياكله في ضعف المدة المقررة لأن الجن كما يبدو سكنت في مكان الجهة الأخرى المعاكسة من ذات المشروع ولو أن الأمر بهذه الحسبة لهذا العالم الغيبي لكانت مدينتي لهم بمثابة كلكتا ولكانت بريدة هي روالبندي مثلما ستكون الدمام هي جوانزو الصينية. بهذه الحسبة سنكون أعظم كثافة سكانية لإخوتنا من الجن في آلاف العمائر والكباري والأنفاق المهجورة أو المتعثرة.

وعلى هذه الحسبة فأنا أقترح على كل إدارة حكومية أن تضع في الحسبان أعداد الجن إلى جوار أعداد الإنس عند كل مشروع وأن تبني لهم غرفاً مجاورة ثم تكتب عليها إشارة لافتة واضحة. وما دمنا في زمن الطفرة، فما المانع أن يكون كل مشروع من نسختين، وللفريقين المخلوقين.

وحتما فإن الحديث اليوم عن الجان في مشفى عرقة المهجور سيتطور تبريراً لما هو أدهى وأطم. ستنتقل إشاعة التبرير من المشروع الفاشل أو المبنى المهجور إلى – رأس – المسؤول المتخاذل. وبدلاً من أن نقول تلك اللزمة الدارجة (ما في راسه شي) سنكتشف أن رأسه مسكون بعائلة كاملة من الجن التي سيطرت على دماغه وأفرغت عقله وشلت تفكيره عن متابعة كل ما هو مسؤول عنه وله. وبذات الحسبة سيكبر السؤال: كم هم آلاف، بل ملايين العوائل الكاملة من الجن التي تسكن في رؤوس آلاف المسؤولين وتعوق بالتالي مشاريع التنمية. خذ بالمثال الأخير مواسير الماء في حارتنا وحدها وكم يسكن بها من الجن ونحن بانتظارها أن تدفع الماء لبيوتنا للسنة الخامسة. سيأتي من يقول لنا غداً إن الجن في مدينتي تشرب 250 ألف طن من الماء في اليوم الواحد.

سؤالي الأخير: كم هم الجن الذين يسكنون مشاريع مدينتك في هذه اللحظة؟