هذا المشروع يشابه ما كتبه النووي القديم في الأربعين حديثا، وقد اشتغلنا عليه عندما كنا شبابا وحفظنا ما جاء فيه من أحاديث، والنووي بالمناسبة جاء اسمه من قرية نوى من منطقة حوران السورية، وحين أتذكر الأحاديث التي جاءت في كتاب النووي يقفز إلى الذاكرة عندي حديث النية، وأن لكل امرئ ما نوى، وبنى الفقهاء على هذا الحديث أشياء كثيرة.

والمهم فقد مضت سنة الأولين، وجهده مشكور ولكن لا بد من وضع مشروع مواز يشبهه من جهة ويختلف عنه من وجوه، ونحن نعيش عالم الديجتال.

وأذكر أنني كتبت في هذا الموضوع فجاءني تعليق حاد جدا، ولكنني تذوقته مع حرارته مثل التوابل في الطعام، وهذه قوة غير عادية في الناقد، أن يجعل الانتقاد مادة ممتعة للكاتب فيرحب بهذا النقد، قال الغامدي إنه مشروع الأحاديث الجلبية، وأنا أقول ربما ولكنه يبقى مشروعا حيويا، وحتى لا نطيل على القارئ أقول إن هناك العديد من الأحاديث الرائعة في التأسيس المعرفي، ذهلتني أثناء مشروعي في الاطلاع على الأحاديث، وقعدت يومها على كتب الأحاديث الأساسية من البخاري ومسلم، ثم أتيت بكتاب الشنقيطي في خمس مجلدات فعكفت عليه، وهو مكتوب بطريقة لطيفة على حروف الهجاء، قد أخذ كل حديث رقما متسلسلا، وكنت أحيانا أجتمع بأحاديث بلغ من جمالها أنها لم تتركني بدون أن أحفظها كما حفظت القرآن في مشروعي السابق الذي أخذ مني ثماني حجج.

من هذه الأحاديث التي يجب أن توضع في هذا المشروع أذكر خمسة أحاديث: حديث الفسيلة أن يغرس الإنسان شجرة ولو قامت الساعة، وحديث السفينة ألا يستخف الإنسان بثقب بسيط فهو سيقود لغرق الجميع.

وكذلك حديث البخاري عن الأسئلة التي وجهها هرقل لمجموعة أبي سفيان، وبتأمل المناقشة نرى هرقل سياسيا حصيفا يطرح عشرة أسئلة كان أبو سفيان يتمنى ـ كما ورد في الحديث ـ أن يغير فيها لولا قومه الذين أمر هرقل بوضعهم في ظهره، وقال إن كذب فكذبوه!

جاء في الأسئلة هل كان في نسبه ملوك؟ من يتبعه؟ هل يرتد أحد سخطة لدينه بعد إيمان؟ هل عهدتم عليه كذبا؟ هل يغدر؟

الحديث الرابع الذي رواه أبو مسلم الخولاني عن ظلم النفس أيضا في عشر فقرات وكأنها اللحن الكوني؛ يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته .. ياعبادي.. وهكذا وفي النهاية إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه؟

ومن الغريب أن الغالبية من المسلمين عندها استعداد أن تلوم أي جهة دون مراجعة نفسها مرة واحدة..

كان الخولاني إذا تلا الحديث جثا على ركبتيه. وهذا يعني أن علينا تجنيد هذه الأحاديث من أجل تصحيح المفاهيم، فليس مثل القرآن والحديث هاديا.

وأخيرا الخامس في رواية عائشة رضي الله عنها عن اجتماع نسوي مثير يضم 11 امرأة روين الحياة السرية لأزواجهن..

لقد قام مشروع أبو شقة على نفس النسق في محاولة إعادة النظر لموضوع المرأة جملة وتفصيلا وقام باستعراض آلاف الأحاديث من الصحاح التسعة في مشروع موسوعي أخذ منه جهد عشرين عاما.