كان ذلك سؤال عريض يعاكسه ما يحدث اليوم، فالأثرياء يزيدون وتزيد ثرواتهم، والفقراء يكثرون ويزدادون فقرًا في مفارقة غريبة.
وكانت تقارير سبقت منتدى دافوس الذي اختتم في 21 يناير الحالي، قد أشارت إلى أن ثروات الرجال العشر الأكثر ثراءً في العالم تضاعفت منذ بداية جائحة كورونا، فيما تراجعت مداخيل 99 % من البشريّة، حسب تقرير لمنظمة أوكسفام التي تناضل ضدّ اللامساواة حول العالم نشر منتصف الأسبوع الماضي.
وقالت المنظمة في تقرير عنوانه «اللامساواة تقتل» إن «اللامساواة تساهم في وفاة ما لا يقل عن 21 ألف يوميًا، أي شخص واحد كل 4 ثوان».
وأضافت «هذه نتيجة متحفظة تستند إلى الوفيات على مستوى العالم بسبب عدم القدرة على الوصول إلى الرعاية الصحيّة وبسبب العنف القائم على النوع الاجتماعي والجوع وانهيار المناخ».
زيادة تريليونية
شهدت الثروات المتراكمة لمجموع أصحاب المليارات منذ بداية كورونا زيادة بمقدار 5 تريليونات دولار أمريكي أي «أكبر ارتفاع في ثروة أصحاب المليارات منذ بدء تدوين الإحصاءات»، لتصل إلى أعلى مستوياتها أي 13.800 مليار دولار.
وبحسب مجلّة فوربس، فإنّ أغنى 7 أشخاص في العالم هم ايلون ماسك (صاحب شركة تيسلا) وجيف بيزوس (أمازون) وبرنارد ارنو (ال في ام ايتش) وبيل جيتس (مايكروسوفت) ومارك زوكربيرج (ميتا/فيسبوك) ووارن بوفيه (بيركشاير هاثواي) ولاري ايليسون (اوراكل).
وأشارت أوكسفام إلى أن الفقر المُدقع يمكن محاربته من خلال نظام الضريبة التصاعدية أي «خلال فرض الضرائب على الثروة الدائمة ورأس المال» ومن خلال أنظمة الرعاية الصحية العامة والمجانية للجميع.
وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى أنه «يمكن لضريبة تُفرَض لمرة واحدة بنسبة 99 % على أغنى 10 رجال أن تسدّد إنتاج ما يكفي من اللقاحات لسكان العالم وتوفير الرعاية الصحية الشاملة والحماية الاجتماعية، وتمويل التكيّف مع المناخ والحدّ من العنف القائم على النوع الاجتماعي في أكثر من 80 بلدًا».
غير أن رغم هذا الإنفاق، «سيبقى هؤلاء الرجال أغنى بـ8 مليارات دولار أمريكي ممّا كانوا عليه قبل الجائحة»، بحسب أوكسفام.
وأوضحت «لقد ساعدت الجائحة أصحاب المليارات على تضخيم ثرواتهم. حيث ضخت البنوك المركزية تريليونات الدولارات في الأسواق المالية لإنقاذ الاقتصاد، ولكن أدى ذلك إلى حشو جيوب المليارديرات».
سؤال عالمي
السؤال الذي طرحه غوار الطوشة في «غربة» طرحته بعد ذلك بسنوات طويلة صحيفة «الجارديان» البريطانية، ونشرت فيه دراسة تحليلية، توصلت إلى أنه مع كل عام تظهر قوائم الأثرياء حسب تقييم مجلة «فوربس» وبيانات «كريدي سويس» للثروة العالمية، ليتضح فيها أن عدد أغنى الأغنياء لا يتعدون 62 شخصًا، ولكن يمتلكون ثروة لا يمتلكها 50 % من سكان العالم.
وأظهرت بيانات المنظمات الإنسانية أنه كلما ازداد الأثرياء ثراء ازداد الفقراء فقرًا، وأن الفقراء الذين يشكلون 50 % من سكان العالم يملكون جميعهم أقل من تريليون دولار، وهو رقم أقل بكثير مما كانوا يمتلكونه قبل 5 سنوات، بينما ازدادت ثروات الأغنياء بحوالي 500 مليار دولار.
وأشارت الصحيفة إلى أن أثرى الأثرياء يستطيعون جمع ثروات معينة في يوم واحد تكون أكثر مما يستطيع مصنع مليء بالعمال جمعه في عام كامل، مشيرة إلى أنه في يوم واحد تمكن الملياردير المعروف كارلوس سليم من جمع 400 مليون دولار.
وفي الوقت نفسه، فإن أشد الناس فقرًا والبالغ عددهم 3 مليارات و600 مليون شخص بما فيهم أشخاص مديونون أو لا يمتلكون شيئًا وأشخاص لا يزيد صافي دخلهم عن 5 آلاف دولار سنويًا، لن يستطيعوا الصمود أمام الهزات المالية سواء كانت حصادًا سيئًا أو فاتورة طبية باهظة، حتى أنهم لا يستطيعون الاستثمار في مستقبل أسرهم.
وأكدت الصحيفة أن هذا لا يعود فقط لعدم تساوي معدلات الدخل بل لأن مستوى دخل الأغنياء يزداد بشكل أسرع وأكبر من الآخرين، وذلك رغم أنه خلال الأعوام القليلة الماضية شهد دخل الفقراء في العالم ازديادًا ملحوظًا حيث تخطى الملايين منهم حد الفقر، وباتت معدلات الفقر المدقع أقل من 10 % حول العالم حسب آخر إحصائية سبقت كورونا.
ورأت الصحيفة أنه رغم تلك الإحصائية المبشرة إلا أنها قد لا تكون معبرة عن الواقع الحقيقي، متسائلة حول كيفية قياس معدلات الفقر المدقع في العالم وإذا كانت هذه الإحصائيات تستند في بياناتها على «الدخل أم الاستهلاك».
وأوضحت الصحيفة أهمية هذا التساؤل لأنه إذا استندت هذه الإحصاءات على الدخل فهذا ليس بالضروري أن يكون معبرًا عن ثروة الشخص، لأن ثروة الفقير ليست دخله، خاصة إذا كان ملتزمًا بديون معينة، مشيرة إلى أهمية توضيح الصلة على المستوى الفردي أو الأسري بين الدخل والثروة.
وتابعت الصحيفة قائلة إنه في حالة استناد الإحصاءات التي بشرت بانخفاض نسب الفقر المدقع على الاستهلاك، فهذا لا يعني ارتفاع دخل الشخص الفقير، بل قد يعني توجه الناس إلى الثروة أو الدين لتمويل استهلاكهم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في حال ارتفاع الاستهلاك والدخل معًا، سيشعر الناس بمزيد من الثقة بشأن المستقبل حيث بات في أيديهم خيار إنفاق أكثر وادخار أقل.
أغنى 7 أشخاص في العالم
(حسب مجلة فوربس)
إيلون ماسك ـ مالك شركة تيسلا ـ 289.7 مليار دولار
جيف بيزوس ـ أمازون ـ 205.4 مليارات دولار
برنارد أرنو ـ إل في ام ايتس ـ 162 مليار دولار
بيل جيتس ـ مايكروسوفت ـ 152 مليار دولار
مارك زوكربيرج ـ ميتا، فيسبوك ـ 141 مليار دولار
وارن بافيت ـ بيركشاير هاثواي ـ 104 مليارات دولار
لاري أليسون ـ أوراكل ـ 103 مليارات دولار
توقعات بزيادة الفقراء
مع بصيص الأمل بانتهاء جائحة كورونا، نشر البنك الدولي في مدوّنة تقديراته للأوضاع حوال العالم، مبينًا أنه «في أكتوبر 2020، عندما كنا نعتمد على توقعات النمو الواردة في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية ليونيو، قدرنا أن ما بين 88 و115 مليون شخص في جميع أنحاء العالم سيقعون في غياهب الفقر المدقع عام 2020. وباستخدام التوقعات الواردة في هذا التقرير في يناير 2021، توقعنا ارتفاع عدد الفقراء الجدد بسبب الجائحة إلى ما بين 119 و124 مليونًا.
ويُحسب عدد الفقراء الجدد بسبب جائحة كورونا بأنه الفرق بين معدل الفقر المتوقع في ظل وقوع الجائحة ومعدل الفقر المتوقع دون وقوع الجائحة.
وعندما نحدد التوقعات الخاصة بأوضاع الفقر في ظل جائحة كورونا، نستخدم توقعات النمو الواردة في تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية في يناير 2021، وبالنسبة للعالم دون وقوع جائحة كورونا، نستخدم توقعات النمو التي صدرت في يناير 2020».
معدلات غير مسبوقة
أقر البنك الدولي أن الزيادة المقدرة في معدلات الفقر العالمية في عام 2020 لم يسبق لها مثيل.
وقبل جائحة كورونا، كانت الزيادة الأخرى الوحيدة للفقر الناجمة عن أزمة في عدد الفقراء على الصعيد العالمي في العقود الثلاثة الماضية بسبب الأزمة المالية الآسيوية، التي زادت أعداد الفقراء المدقعين بمقدار 18 مليون شخص في عام 1997، و47 مليون شخص آخر في عام 1998. وفي العقدين الماضيين منذ عام 1999، انخفض عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع في جميع أنحاء العالم بأكثر من مليار شخص.
ومن المتوقع أن يسير جزء من هذا النجاح في الحد من الفقر في الاتجاه المعاكس بسبب جائحة كورونا.
الفقر يزداد عربيا
مع تركز الثروات عالميًا بعيدًا عن عالمنا العربي، أظهرت دراسة أعدها الباحث في الجامعة الأمريكية في بيروت رامي خوري ونشرها موقع «العلوم السياسية في الشرق الأوسط»، أن أرقام قياس الفقر متعدد الأبعاد في البلاد العربية تشير إلى وجود معدلات فقر أربع مرات أعلى مما كان مفترضًا من قبل، وأن مستويات الفقر ارتفعت في المنطقة بصورة صادمة، كما أن البطالة تتصاعد بدرجة كبيرة، ما يجعل منطقة الشرق الأوسط الأكثر معاناة من عدم المساواة مقارنة بدول العالم الأخرى.
وقالت الدراسة «تم تصنيف 116 مليون نسمة ضمن الفقراء في 10 دول عربية شملها مسح الإسكوا (أي ما نسبته 41% من التعداد الإجمالي للسكان)، بينما صنف ما نسبته 25% من السكان ضمن فئة المعرضين للفقر».
وإذا ما كان هذا المستوى من الفقر / التعرض للفقر عند نسبة 66 % ينطبق على العالم العربي بأسره، فهذا يعني أن 250 مليون نسمة قد يكونون فقراء أو عرضة للفقر من مجمل تعداد السكان في العالم العربي البالغ 400 مليون نسمة.
وحسب اقتصاديين في إسكوا، انكمشت الطبقة الوسطى في الدول غير المنتجة للنفط من 45 % إلى 33 % من السكان. يرى هؤلاء الاقتصاديون أن العائلات متوسطة الدخل آخذة في الانحدار نحو فئة المعرضين للفقر، بينما تنحدر العائلات المعرضة للفقر بدورها نحو فئة الفقراء.
وأشارت حسابات الإسكوا، إلى أن عدد العرب الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة بحد أدنى من الرعاية الصحية يقدر بما يقرب من 60 مليون نسمة يتوزعون على 7 دول متأزمة، بينهم أكثر من 30 مليون نسمة أجبروا على النزوح خلال السنوات الأخيرة في مختلف أرجاء المنطقة العربية.
100 مليون وظيفة
بينت توقعات لصندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات، أن المنطقة العربية بحاجة من 60 حتى 100 مليون وظيفة بحلول عام 2030، وإلى 27 مليون وظيفة خلال السنوات الـ5 المقبلة، من أجل تقليص البطالة بشكل ملحوظ، وهذا يؤكد أن العمالة غير الرسمية ستبقى سائدة لسنوات قادمة في معظم الأراضي العربية (بمعدل يتراوح ما بين 55 إلى 60 % حسب بعض التقديرات الأخيرة).
%99 من مداخيل البشريّة تراجعت خلال كورونا
115 مليون فقير مدقع في العالم 2020
124 مليون فقير مدقع في العالم 2021
21 ألف شخص يموتون يوميا بسبب الفقر بمعدل شخص كل 4 ثوان
5 تريليونات دولار مقدار ارتفاع ثروات أصحاب المليار خلال الجائحة
الفقر في الدول العربية
116مليون نسمة ضمن الفقراء في 10 دول عربية
من 45 % إلى 33 %من السكان نسبة انكماش الطبقة الوسطى
%25من السكان ضمن فئة المعرضين للفقر
250 مليون عربي قد يكونون فقراء أو عرضة للفقر
%41 من السكان مصنفون فقراء
60 مليون عربي يحتاجون مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة
100 مليون وظيفة تحتاجها الدول العربية بحلول 2030 لتقليص البطالة.