إذا كانت معظم القضايا المرتبطة بالزواج والطلاق وما يستتبع عنهما من اختصاص دوائر الأحوال الشخصية في المحاكم، فإن ضرب الرجل لزوجته يخرج المسألة من إطار كونها مسألة أحوال شخصية مثل النفقة والمهر وغيرهما من المنازعات بين الزوجين، ويدخلها في باب المسائل الجزائية التي تنظر فيها المحكمة الجزائية المختصة، وذلك خلاف ما يظنه بعض الأزواج ممن يضربون زوجاتهن ويظنون أنهم خارج طائلة القانون.

وكشفت وزارة العدل، أن الزوجة التي تتعرض للضرب من زوجها بإمكانها تقديم شكوى تتضمن تقديم بلاغ لدى الشرطة، أو رفع دعوى جزائية أمام المحكمة الجزائية.

وكانت مواطنة قد سألت وزارة العدل عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، مستفسرة كيف يمكن تقديم شكوى بموضوع ضرب الزوجة، وتفاعل حساب الوزارة الرسمي، ورد عليها موضحًا «يمكنكم تقديم بلاغ بذلك لدى الشرطة، واستكمال إجراءات التحقيق الأولية وجمع المعلومات والإيضاحات اللازمة».


وتابع «كما يمكنكم طلب ذلك عبر رفع دعوى جزائية ومباشرتها أمام المحكمة الجزائية، مع تضمين صحيفة الدعوى رقم قيد الدعوى العامة، أو أمر الحفظ الصادر من النيابة العامة».

واقعة جزائية

أوضح المستشار القانوني عبدالإله العبيلان أن «قضايا الاعتداء بالضرب تبقى من اختصاص المحاكم الجزائية، لأننا أصبحنا أمام واقعة جزائية، وتخرج من اختصاص محاكم الأحوال الشخصية التي تتولى النظر في المنازعات بين الزوجين».

وأضاف «جاء في نظام الحماية من الإيذاء، أن الإيذاء هو كل شكل من أشكال الاستغلال، أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، متجاوزًا بذلك حدود ما له من ولاية عليه أو سلطة أو مسؤولية أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية، ويدخل في إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء بواجباته أو التزاماته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته أو ممن يترتب عليه شرعًا أو نظامًا توفير تلك الحاجات لهم».

عقوبة مضاعفة

يقول العبيلان «وفقًا للمادة الثالثة عشرة من نظام حماية الإيذاء: دون الإخلال بأي عقوبة أشد مقررة شرعًا أو نظامًا، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ولا تزيد على خمسين ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب فعلًا شكّل جريمة من أفعال الإيذاء الواردة في المادة (الأولى) من هذا النظام، وفي حال العود تضاعف العقوبة وللمحكمة المختصة إصدار عقوبة بديلة للعقوبات السالبة للحرية».

تحديد جسامة العقوبة

بين العبيلان أن التقارير الطبية في القضايا تعد الفيصل في تحديد مدى جسامة العقوبة، مشيرًا إلى أن «الاعتداء بالضرب من الجرائم الموجبة للتوقيف، والاعتداء عمدًا على ما دون النفس إذا نتج عنه زوال عضو أو تعطيل منفعة أو جزء منها، أو إصابة مدة الشفاء منها تزيد على 21 يومًا ما لم يتنازل صاحب الحق الخاص.

في حالة تنازل صاحب الحق الخاص يجوز الإفراج عن المتهم مع بقائها من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف».

تصنيف الدعوة

من جهته، أوضح المحامي ماجد الرويلي أن ضرب الزوج للزوجة والعكس يصنف ضمن قضايا الاعتداء ولا يدخل ضمن اختصاصات الأحوال الشخصية التي نصت عليها المادة 55 من نظام المرافعات الشرعية، بل يدخل ضمن اختصاصات المحاكم الجزائية وإن كان الضرب بين زوجين، مبينًا أن «الدعاوى الجزائية العامة لا تدخل ضمن نظام التكاليف، وذلك حسب تعميم رئيس المجلس الأعلى للقضاء رقم 1383/ت بشأن توافر رقم قيد الدعوى الجزائية العامة وأمر الحفظ الصادر من النيابة، بينما الدعوى الجزائية الخاصة تدخل ضمن نظام التكاليف وتُحسب التكلفة بناءً على ما نصت به المادة الثالثة من مشروع اللائحة التنفيذية لنظام التكاليف القضائية الصادر عام 1443 حيث إنه لم يطبق بعد».

التكاليف القضائية

وافق مجلس الوزراء في أواخر أغسطس الماضي على نظام التكاليف القضائية الذي ينص على فرض تكاليف قضائية على الدعوى بمبلغ لا يزيد على ما نسبته %5 من قيمة المطالبة، بحد أعلى مليون ريال.

واستثنى النظام قضايا الدعاوى الجزائية العامة والتأديبية، والطلبات المتعلقة بها، إضافة إلى دعاوى الأحوال الشخصية، والدعاوى التي يختص بها ديوان المظالم، وقسمة التركات، وأحكام الإفلاس، والإنهاءات.

واشترط النظام على أنه إذا ما قررت المحكمة شطب الدعوى، أو حكمت باعتبارها كأن لم تكن، أو بعدم قبولها لعدم تحريرها، فسيتم فرض تكاليف قضائية إضافية، في حال نظرها مجددًا، بما يعادل نسبة %25 من تكاليف نظر الدعوى في المرة الأولى، ويتحمل المدعي التكاليف الإضافية لنظرها، ولو حكم لصالحه في موضوع الدعوى.

وسيتم كذلك فرض تكاليف قضائية بما نسبته 1% من قيمة المبلغ المحكوم به، بحد أعلى مليون ريال، على دعوى بطلان حكم التحكيم على مدعي البطلان، إذا حكم برفض طلبه.

وتقدر الإدارة المختصة مبلغ التكاليف القضائية للدعوى أو الطلب المقدم للمحكمة وفقًا لما يقضي به النظام واللائحة.

وحدد النظام عددًا من الحالات التي تعفى من التكاليف، كما تعفى أيضًا الدعاوى التي تنتهي بالصلح قبل الجلسة الأولى، والدعاوى المتعلقة بالحقوق الخاصة التي ترفع بالتبعية للقضايا الجزائية، إذا انتهت بالصلح على أي حال كانت فيها الدعوى.

وحدد النظام عددًا من الفئات التي لا تفرض عليهم أي تكاليف قضائية في قضايا مالية غير جنائية، مثل المسجونين والموقوفين وقت استحقاق التكاليف القضائية في قضايا مالية غير جنائية، في الدعاوى التي تقام، سواء كانت منهم أو عليهم.

إثبات الاعتداء

أفاد الرويلي أن إثبات الاعتداء بالضرب من أحد الطرفين يتم بالتوجه إلى المستشفى والحصول على تقرير طبي بواقعة الضرب، ثم التوجه إلى مركز الشرطة في المستشفيات الحكومية لكتابة محضر بالواقعة والاستناد عليها في الدعوى، والأخذ بكافة سبل الإثبات كالشهادة والمعاينة «التقرير الطبي» والقرائن، موضحًا أن شهادة الأطفال لا تؤخذ كدليل قطعي إنما قرينة قوية لإثبات الاعتداء كون الأطفال موجودين أثناءها.

وبين أن العقوبة تفرض حسب جسامة الاعتداء الذي يقره التقرير الطبي، فإذا كان المجني عليه منومًا بالمستشفى ولم يصدر تقرير طبي في ذلك فيبقى الجاني موقوفًا حتى صدور التقرير الطبي، وفي حال صدر التقرير وكانت مدة الشفاء من 20 يومًا فأكثر فإنها تعد جريمة موجبة للتوقيف، ولا توجد أي غرامة مالية في ذلك بل يوجد تعويض للمتضرر عند إقامة دعوى بالحق الخاص لأن الغرامة تختلف عن التعويض.

ضرب الزوجة

- جريمة جزائية تنظرها المحاكم الجزائية.

- جريمة تخرج من اختصاص دوائر الأحوال الشخصية.

- تثبت بتقرير طبي وبكل وسائل الإثبات الممكنة.

- تقدر جسامتها وفقا للتقرير الطبي فيها.