وفرت الأزمة السورية الفرصة الذهبية لواشنطن التي لطالما سعت إلى فك الارتباط الوثيق بين طهران ودمشق، لأن واقع النفوذ الإيراني الإقليمي ارتكز في سورية لتكون مدخله للملفات الفلسطينية واللبنانية والعراقية والتركية، لتساهم في تعقيد تعامل العالم مع المشروع النووي الإيراني.
ولكن (هذه الـ لكن الصعبة) هي أمن إسرائيل في زمن انتخابات أميركية تفرض واقعا تتقاطع في مصالح واشنطن وطهران، فصناع القرار في الأمن القومي الإسرائيلي أعلنوها صراحة برفضهم سقوط الأسد، كونه ساهم في استقرار الحدود بين الجانبين، فوافقت واشنطن مجبورة، لأن الانتخابات الرئاسية تتأثر وبشكل فعلي باللوبي الصهيوني الذي يفرض ضغوطا تجعل من الاندفاع في مشروع تغيير النظام صداما مع حاجة إسرائيل الأمنية، وبالتالي الدخول في مواجهة ستفضي إلى فشل إدارة الرئيس أوباما في الانتخابات، وهو ما لا يمكن أن يقبله الحزب الديمقراطي، ولو كان على حساب دماء الشعب السوري.
وهنا يتسع السؤال، لا ليشمل دور واشنطن فقط، بل ودور منظمة الأمم المتحدة، التي فشلت وما زالت تفشل في تحقيق الهدف الحقيقي من وجودها مع تنفيذ دول كالولايات المتحدة لعمليات عسكرية أحادية، كما حصل عند احتلالها العراق عام 2003 واتخاذ أوروبا عقوبات أحادية ضد إيران، فيما تتعطل كل القرارات المتعلقة بإسرائيل.
ليأتي دور روسيا والصين في تعطل القرارات المتعلقة بسورية في تثبيت لطبقية دولية لمجموعة دول الأسياد ممن يمتلكون "الفيتو" لسبب ما، والدول التابعة التي تفرض عليها الأمور، لأنها لا تملك هذا "الفيتو"، وهي الدول التي تقتل شعوبها، لأن مصلحة شخص ما في دول "الفيتو" تقاطعت مع مصلحة قاتل ما، فسمح له بالنجاة من العقوبة.