بعد إعلان نتائج الفائزين في انتخابات المجالس البلدية، زف الناخبون المشاركون في الانتخابات البلدية، مرشحيهم الفائزين على أنغام الرقصات والأهازيج الشعبية في مختلف محافظات المنطقة الشرقية، حيث استمر بعض المحتفلين حتى الساعات الأولى من الصباح.
في محافظة الخفجي كانت العرضة السعودية سيدة الموقف، وكان من غير المألوف أن يشارك مئات الناس في أداء العرضة، ومن الطريف أيضا أن السيارات كان لها نصيب في الموقف من خلال استخدام المنبهات، ومع رقصات العرضة ونغمات الدف "الطار"، استوقفت الألعاب النارية المئات من المحتفلين، وقد أطلقها البعض تعبيراً عن الفرحة بحجز مرشحهم مقعداً في المجلس البلدي، لتزين سماء الخفجي في ساعات الفجر الأولى.
كما أن البعض، ومن باب الاستعداد المبكر للاحتفال، أعد العدة مبكرا لاستقبال الضيوف، وجهز موقعاً خاصاً لـ"موقد" النار، والحطب، وأدوات الشاي والقهوة، وأشعل النيران التي ارتفعت ألسنتها للسماء بدرجة كبيرة، وذلك لتحضير أكبر كمية من الشاي والقهوة السعودية لجلسات السمر التي استمرت لأوقات متأخرة.
وفي الجبيل لم يكن للعرضة نصيب بقدر ما كان لـ"حب الخشوم" والولائم والتهام المفطحات والأكلات الشعبية الأخرى، وفي الدمام تسببت الكثافة السكانية وتنوع الثقافات والمشارب التراثية للمرشحين في تنوع الرقصات الشعبية، إلا أن العرضة السعودية كانت القاسم المشترك في مختلف الاحتفالات.
والعرضة السعودية هي نتاج تطور لعادة عربية قديمة، وأركان العرضة الأساسية كانت ملازمة للحرب منذ الجاهلية، فالطبول تقرع منذ القدم في الحرب، والسيف يحمل، والشعر الحماسي يعتبر عنصراً أساسياً من عناصر الحرب.
وتعد العرضة النجدية ـ وكما هو معروف ـ فناً حربياً كان يؤديه أهالي نجد بعد الانتصار في المعارك، وذلك قبل توحيد أجزاء البلاد عندما كانت الحروب سائدة في الجزيرة العربية.
ومن مستلزمات هذا اللون من الفن الراية والسيوف والبنادق لمنشدي قصائد الحرب، بينما هنالك مجموعة من حملة الطبول، يضربون عليها بإيقاع جميل متوافق مع إنشاد الصفوف، ويطلق على أصحاب الطبول الذين يقفون في الخلف طبول التخمير، أما الذين في الوسط، فهم الذين يؤدون رقصات خاصة للطبول، كما يوجد بالوسط حامل البيرق (العلم). وتقام في وقتنا الحاضرالعرضة النجدية في المواسم التي تحفل بالمناسبات السعيدة والأعياد والأفراح، ويشتهر أهالي الدرعية وضرماء والخرج وحائل بإتقان هذا الفن.
وحول تعبير البعض من الناخبين أو المرشحين عن فرحتهم من خلال أداء العرضة أو الرقصات والأهازيج، قال أستاذ علم الاجتماع جعفر العيد، لـ"الوطن" أمس، إن أداء هذه الرقصات الشعبية يعبر عن الهوية الاجتماعية، وتأتي نتيجة لشعور الناخبين بالإنجاز الذي حققوه، بفوز مرشحهم، لافتاً إلى أن من يؤدي هذه الرقصات بعد الفوز في أمر ما يعد نفسه مشاركاً في الفوز ذاته.
وأضاف أن المرشح الذي استطاع تحقيق النجاح والظفر بمقعد في المجلس البلدي له ارتباط قوي بالآخرين من الناخبين، وذلك من خلال تحقيقه أهدافهم وتطلعاتهم وآمالهم، كما أنه يمثل جزءاً من النسيج الاجتماعي الخاص بهم.